لا يمكن تجاهل مواقف امريكا المتناقضة في تعاطيها مع الوضع العراقي الحرج وهو يخوض حربا شرسة ضد تنظيم داعش الإرهابي منذ اكثر من سبعة أشهر.
موقف امريكا من العراق يفترض أن يكون أكثر مصداقية ووضوح خاصة وان العراق وأمريكا تربطهم معاهدة أمنية وإطار استراتيجي تعهدت بموجبه امريكا بحماية التجربة الديمقراطية وديمومتها وإنجاحها وتعهدت بالوقوف بوجه التحديات والتعديات والأخطار الخارجية التي تهدد العراق أرضا وشعبا.
مواقف امريكا مع العراق بعد احداث حزيران ودخول الدواعش الى الموصل وبعض مناطق الانبار وصلاح الدين وديالى اثارت الريبة والشكوك وأشرت وجود خلل كبير في منظومة الاتفاق الامني الذي ابرمته الحكومة العراقية مع الامريكان وتجاوزت المواقف حالة الشكوك الى حالة اليقين في وجود تعاون وصلات بين تنظيم داعش الارهابي وبين الامريكان ضد الشعب العراقي وضد ابناء قواتنا المسلحة وابطال الحشد الشعبي.
علاقة الأمريكان بتنظيم داعش الإرهابي لم تقتصر على الجوانب العسكرية بل تجاوزتها الى الجوانب الاعلامية والاقتصادية والاستخبارية،ففي الوقت الذي تواصل الطائرات الأمريكية إيصال شحنات الأسلحة المتنوعة والمتطورة الى تنظيم داعش في مختلف مناطق القتال يتم تزويدهم أيضا باهم المعلومات الاستخبارية لتحرك القوات العراقية وابناء الحشد الشعبي والمواقع التي تروم القوات الحكومية اقتحامها او الهجوم عليها،اما الدعم الاقتصادي والمادي فهو المحور الاهم في ديمومة الدواعش والذي يتناغم مع إستراتيجية الأمريكان في تحقيق مطامعها القائمة على التواجد الدائم على الأراضي العراقية.
الشيء الأكثر إثارة يكمن في النتائج وهو انه مع كل ما يقوم به الأمريكان من نفاق في تعاونهم مع القوات العراقية ومع كل ما يقوم به الأمريكان من تعاون حقيقي وعلني مع الدواعش القتلة تحدث العجائب على الأرض حيث يحقق أبطال الحشد الشعبي وأبناء قواتنا الأمنية انتصارات ونجاحات حقيقية وتقدم على الأرض أذهلت الأمريكان وعقدت حساباته ورهاناتهم القائمة في المراهنة على اطالة امد الحرب.
اخر ما اطلقه الامريكان من بالونات التشويش والخداع هو اعلان الارقام الوهمية لمساحة الاراضي التي يسيطر عليها الدواعش في العراق وسوريا وارقام مساحات الاراضي التي حررها ابطال الحشد الشعبي ورجال قواتنا الامنية وبحسب المخمن والمساح الامريكي فان ما تم تطهيره من الاراضي العراقية لا يتعدى 1% رغم ان الواقع يناقض هذه الارقام جملة وتفصيلا.
ان ابطال القوات الامنية والحشد الشعبي ورجال البيشمركة نجحوا في تطهير الكثير من المناطق المهمة والواسعة والتي كانت تحت سيطرة التنظيم الارهابي في محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل اما ديالى فقد تم تحريرها بالكامل والاخبار الاولية تقول ان الانبار في طريقها لان تتخلص من اثام الدواعش بعد ان يتم دفنهم في صحرائها المترامية الاطراف،عندها لن يبقى لهم من ملاذ الا في الموصل وامرها يحتاج الى وقت والى فلسفة بسيطة للتخلص نهائيا من الدواعش والامريكان.
على الامريكان ان لا يذهبوا بعيدا في تفائلهم في اطالة امد الحرب في العراق وعليهم ان لا يفكروا في العودة من جديد الى بغداد وتحت عباءة الدواعش لان ابطال الحشد الشعبي قد اقسموا عهد الولاء بالدم للعراق ولمرجعيته المباركة ان يكون الحسم عراقي خالص.
القضية الاكثر اهمية والمرتبطة ارتباطا مباشرا بمواقف امريكا وتصريحاتها المتناقضة والمحبطة هو ان ابناء الشعب العراقي على معرفة ودراية بدوافع هذه التصريحات التي لن يكون لها اثر على المدى القريب لان كل شيء سينتهي بقرار عراقي وطني.
مقالات اخرى للكاتب