الاستاذ رشيد فندي غني عن التعريف في الاوساط الثقافية الكوردية فهو واحد من ابرز المجتهدين في مجال البحث والنقد والفلكور وقد صدر له اخيرا كتاب ( كه ريانه ك دناف باغى ئه ده بى كوردى دا) (جولة في رياض الأدب الكوردي) وهو من منشورات اتحاد ادباء الكورد- فرع دهوك ويتألف الكتاب من (382) صفحة من القطع المتوسط، ويضم (23) موضوعاً باللغة الكوردية و(5) مواضيع باللغة العربية تناولت الجوانب التالية "كلمات الى روح الشاعر نالبد واخرى عن ديوانه، في ذكرى استشهاد السياسي والاديب صالح اليوسفي، الشيخ ممدوح البريفكاني وديوانه الشعري الاول، ضرورة التواصل بين الكورد داخل كوردستان وخارجها، ( مراثي الجبل) الديوان البكر للشاعر بدرخان السندي...
وبالنظر لأهمية موضوع (ضرورة التواصل بين الكورد داخل كوردستان وخارجها) الذي تناوله الكتاب وجدنا ضرورة في اعادة نشره ههنا كي يتسنى لأكبر عدد من القراء الاطلاع على ما ضمته من اراء.. يقول الاستاذ رشيد فندي:
شاءت ظروف الكورد القاهرة التي مرت عليهم قبل عدة سنوات الى هجرة الالاف منهم من وطنهم كوردستان وانتشارهم في بقاع الارض المختلفة وان يشكلوا جاليات كوردية لها وزنها وخصوصا في بعض الدول الاوربية ونظرا لبقاء الكورد عدة سنوات في تلك الاقطار وتنوع الاتجاهات الفكرية والثقافية لديهم ونظرا لنزعتهم الشديدة في اثبات وجودهم اينما كانوا كما هم معروف عنهم قاموا بتشكيل عدة مراكز ثقافية كوردية في تلك البلاد، مثل المعهد الكوردي في باريس والمعهد الكوردي في واشنطن ومراكز ثقافية اخرى عديدة في السويد وهولندا وبريطانيا وغيرها وقد استطاعت بعض تلك المراكز اثبات وجودها هناك فاصدرت الصحف والمجلات وطبعت بعض الكتب ودخلت سلك التعليم الكوردي في تلك البلاد واولت اهتمامها بنشر الثقافة الكوردية فيها ورغم الملاحظات الخاصة حول نوعية النشاطات التي يمارسونها ومدى ثقلها في الساحة السياسية الكوردية الا ان ممارسة تلك النشاطات بحد ذاتها تشكل تدرجا ايجابيا في مقياس الثقافة الكوردية لهذا اليوم وغده المنظور.
ان البعد عن كوردستان وكينونة تلك المراكز في المهجر تخلق بالاساس مناخا صعبا محفوفا بالمتاعب حولها لذلك فان اصداراتهم هناك لازالت تتصف في معظمها بالوهن الذي يعتريها نتيجة الاغتراب وبالفقر الابداعي الظاهر في سيمائها والسبب الرئيسي لذلك هو ان تلك النتاجات لاتتدفء بشمس كوردستان ولاتنبت في تربتها الخصبة، ومايؤكد عليه الاخوة الوافدين من اوربا لزيارة كوردستان هو انشغال افراد الجالية الكوردية هناك بكسب لقمة العيش والركض وراء سد الحاجة الشخصية وبذلك ابتعد تفكيرهم عن الابداع الادبي والثقافي مع تكرار السؤال التقليدي وهو لمن نكتب هناك ومن يقرأ نتاجاتنا ؟! ...وكم سيكون عدد الحاضرين لوقمنا بتقديم محاضرة ادبية او ثقافية في اي مدينة اوربية؟!
ناهيك عن صعوبة طبع الكتب فمن هي الجهة التي تقوم بطبعه ؟ بل اين هي الجهة التي تدعمه لتقديم محاضرة ادبية او ثقافية عامة؟
لهذا عمد بعضهم الى طبع كتبهم هنا في كوردستان... وهنا نؤكد على ضرورة التواصل الثقافي بين تلك المؤسسات وبين الوطن ..مع عدم نسيان انهم قد اوغلوا في المجتمعات الاوربية واصبحوا يمثلون الثقافة الكوردية في الخارج وان عليهم ان يركزوا على اتجاهين اثنين وهما:-
ضرورة الاستفادة من كونهم في الخارج بما يمكنهم من البحث في المكاتب العامة والمتاحف التي تحتفظ بالوثائق والمخطوطات التي تعني بالتراث الكوردي عن طريق استنساخ تلك المخطوطات والوثائق وايصالها الى النور بنشرها خاصة ان تلك المكتبات تعج بالمخطوطات القديمة منذ العهد العثماني وحتى الان وبذلك يخدمون تراث شعبهم الكوردي، وقد قام بتلك المهمة بعض طلاب العلم الكورد في الخارج فافادوا الثقافة والتراث الكورديين ولكن لايزال الكثير منه غائرا بين محتويات تلك المكتبات.
قيام المتمكنين منهم الذين يجيدون لغات تلك الاقوام التي يعيشون فيها بترجمة الادب الكوردي ومكونات الثقافة الكوردية الى تلك اللغات لكي يطلعوا على حضارتنا وبذلك سينجزون اكبر مهمة ثقافية لهم طيلة بقائهم في اوربا او امريكا وان ذلك اهم بكثير من قيام البعض منهم بطبع مجموعة قصائد او مجموعة قصص لايقرؤها الا عدد محدود من الشعراء ومحبي القصة، ولايوجد فيها حتى بعد قراءتها شيء من دفء كوردستان.
ان علينا ان نتواصل ثقافيا وفكريا وان يكون ذلك التواصل ايجابيا بما يخدم شعبنا الكوردي.
لقد زار كوردستان مؤخرا كل من رئيس المعهد الكوردي في باريس ورئيس المعهد الكوردي في واشنطن وهما مثقفان كورديان وجرى الحديث معهما في مسار الاستفادة من بعضنا البعض لرفع درجة المسؤولية الثقافية ودفع الآلة الثقافية الكوردية الى الامام مسافات اخرى في طريقها الطويل فهم يحتاجون الى وطنهم كوردستان كونه منهل الثقافة واللغة والادب الكوردي بحيث لا يمكن لهم الاستغناء عن هذه المنابع والمصادر الفكرية والثقافية ولو انهوا علاقاتهم بهذه المنابع لشحوا واصيبوا بالجفاف الفكري والثقافي ...ومن جهة اخرى فنحن ايضا بحاجة اليهم كونهم سفراء الثقافة واللغة الكوردية بين مجتمعات العالم المتطور ويتحملون مسؤولية تعريف قضيتنا بالراي العام العالمي ليس الجانب السياسي فحسب بل الثقافي والادبي واللغوي والفني سواء عن طريق لغتنا الكوردية او عن طريق لغاتهم المحلية وبذلك فان تلك المراكز الثقافية الكوردية في الخارج اينما كانت تلبي الحاجة الفكرية الكوردية الراهنة بقدر ما تلبيها المؤسسات السياسية والاقتصادية وان اي مجهود ثقافي صرف في الماضي او يصرف الان يكون قد سجل علامة في مسيرة الثقافة الكوردية وفي الماضي كانت هناك اضاءات قوية في ذلك المضمار.نريد الان تكثيفها بشكل اشد وبمجرد اطلاع بعض المستشرقين من الادباء في العالم على قصة (( مم وزين )) في الادب الكوردي قاموا بتسميتها بـ ( روميو وجوليت الادب الكوردي حيث قارنوا بين خاني و والفردوسي و روستا فيللي مثلا.. وبمجرد اطلاع البعض الاخر على ديوان المتصوف الكبير (الجزيري) قاموا بمقارنة شعره الصوفي باشعار حافظ وسعدي ولولا المستشرق الروسي (ثرابا) لما أصبحنا الان على معرفة بأهمية كتابات ( الملا محمود البايزيدي) في اللغة والتاريخ وعلم الاجتماع في القرن التاسع عشر...
واخيرا اعود فاقول بان لدينا الان ادبا معاصرا جيدا وثقافة كوردية مميزة والواجب يدعونا الى تعريف العالم بها من خلال كوردستان او المراكز الثقافية الكوردية في الخارج!!