قلد هتلر وزير أعلامه(د.غوبلز) من الأوسمة والأنواط الكثير، حتى نافس فيها جنرال حربه المحبوب (رومل)، الذي لا يختلف أعدائه حتى يومنا هذا على تقديره، (أعدمه هتلر لتفانيه في حب ألمانيا وليس حب هتلر) .
لم يكن هتلر غبيا، أو متعجرفا ومجنونا كما وصفه أعدائه، كما لست هنا في جانب تعداد محاسن هتلر ومساوئه، فقد حكم عليه التاريخ من قبل.
كما حكم على غيره من المجرمين ضد البشرية، الغرض من ذكري سيرة هذا الدكتاتور، انه لديه بصيرة بمعادن الرجال فأحسن استخدامهم لتنفيذ أغراضه.
أعود للعلاقة التي جمعت بينه وبين وزير أعلامه، الذي أشرف شخصيا على طباعة كتابه الشهير (كفاحي)، والذي يصور سيرة حياة هتلر وما مر به حتى وصوله إلى سدة الحكم في ألمانيا، (د.غوبلز) خدم هتلر من حيث لا يعلم، إذ أنه فصل بين مسيرته كقائد ومسيرة الحزب النازي الحاكم.
فوجد في هتلر الأيقونة والرمز، التي جعلت من الحزب النازي محبوبا قبل الحرب العالمية الثانية، وفي مرحلة انتصارات الجيش الألماني، بعد أن كان هذا الحزب منبوذا من الكثير من الألمان، وجاء، كسد فراغ سياسي، بعد هزيمة ألمانيا النكراء في الحرب العالمية الأولى، متزعمه العريف هتلر الساخط على تلك الخسارة والداعي إلى أعادة أمجاد الأمة الألمانية.
كما قام (د.غوبلز) باستغلال أسم هتلر، في ضم الشباب الألماني، وزجهم في أتون معارك خاسرة مع الحلفاء آنذاك، بل أنه دفع بمعظم أعضاء الحزب النازي، كي يطهروا الجيش والأجهزة الأمنية الخاصة من غير الموالين، فأعدموا المئات من الضباط والآلاف من المراتب المشكوك بإخلاصهم للحزب النازي، تحت عنوان خيانة هتلر، وكان رومل الشاهد الأكبر على أفعالهم الدنيئة.
وعندما حط الحرب أوزارها، كانت الأصابع توجه نحو هتلر وجيشه وقواته الأمنية الخاصة، وشبابه المعروفين ب (الشباب الهتلري) ولم يذكر أحد ذلك الكائن القميء (الحزب النازي)، الذي خطط ونفذ معظم الجرائم ضد الإنسانية ,عندما كان هتلر عضوا صغيرا فيه, حتى ترأسه إياه، فكاد الحزب النازي إن يفلت بجرائمه، ويرمي بوزر جميع تلك الجرائم على هتلر, الذي انتحر بخسارته الحرب، هذا العمل هدية (د.غوبلز) لحزبه أولا قبل هتلر, الذي خلده التاريخ كمجرم من أوسع أبوابه عبر أعلامه.
المفارقة هنا، أن أول من اكتوى بنار النازية كان الألمان قبل غيرهم، فكانت الدعاوى تأتي تترى، على أعضاء ذلك الحزب في محاكمة (نورنبرغ)، وجاء قرار تجريم وتحريم الحزب النازي، آنذاك هو الضربة التي لم يحسب لها حسابا من قبل في تأريخ المحاكمات.
أثقلت عليكم سادتي، لكن كان على أن أشير إلى هذا الجزء من التاريخ، الذي قد يخفي بين طياته تلك الإسرار الخطيرة.
التي أن قارناها بما حدث في العراق، ومفهوم والبعثية كفكر والصدامية كمفهوم نجد أن اللعبة قد لعبت بنفس الأوراق، وبتسميات أن اختلفت، ففي اللغة والأحرف فقط، وكان المراد بها شيئا واحدا، هو تمرير فكر فاسد بلعبة أعلامي خطيرة، حكم الشعب الألماني على حزبه فأدانه، وجاء اليوم ليتخذ العراقيون نفس حكمهم على الفكر البعثي.
مقالات اخرى للكاتب