عقد اجتماعان مهمان للدول المنتجة للنفط الاول بين روسيا والسعودية وقطر وفنزولا والاخر بين ايران والعراق وفنزولا وقطر التحرك الجديد للمنتجين قرر تجميد الانتاج لجميع الدول في مستوى شهر كانون الثاني، وفور تسرب القرار ارتفعت اسعار النفط في الاسواق العالمية وعد ذلك تطوراً مهماً وهو بالفعل كذلك لانه منذ انحدار اسعار برميل النفط الى ادنى مستوياتها لم يعقد اي اجتماع جديد لوقف هذا التدهور سواء بتخفيض الانتاج ام تجميده عند حد معين.
اللقاء بين منتجين من داخل اوبك وروسيا له اهميته، فاغراق الاسواق بكميات كبيرة من النفط يفيض عن مقدار الاستهلاك في الاساس كان قراراً سياسياً بامتياز لحصار روسيا واجبارها على ابداء تنازلات بشأن المشكلة السورية وغيرها من القضايا التي ما تزال عالقة.
صحيح ان هذا الفائض ادى الى تدهور الاسعار وتقلص المداخيل النفطية والحق اضراراً بجميع الدول الا انه لم يحقق اهدافه، فروسيا ذات الاقتصاد الكبير والمتنوع الذي لا يعتمد على النفط كمورد رئيس لاقتصادها الوطني لم تتأثر كثيراً وعوضت عنه، واستطاعت ان تستوعب المصاعب الناجمة عن انخفاض الاسعار بما لديها من احتياطي كبير واقتصاد متنوع وعلاقات تجارية واقتصادية مع بلدان عديدة.
اما بلدان الخليج العربي وعلى رأسها السعودية كانت من اكبر المتضررين الى جانب العراق الذي بان عليه ذلك في الازمة الخانقة التي اوقفت مشاريعه واثرت على طاقاته الاقتصادية وشح مصادر تمويله وهو يخوض الحرب ضد داعش.
ان السعودية اضطرت برغم ضخامة الانتاج واغراق الاسواق بملايين البراميل النفطية، الى سحب 150 مليار دولار من احتياطيها النقدي، مما دق ناقوس الخطر وتعرضت الى ضغوط وراء الكواليس للتفاهم مع بقية المنتجين بما في ذلك ايران.
كل موازنات بلدان الخليج العربي تعاني من العجز في موازناتها واعلنت عن ذلك واتخذت اجراءات تقشفية وتتفاوض على قروض دولية وامتدت يد حكوماتها الى الاحتياطات النقدية جراء هذا الهبوط غير المسبوق، وباتت هي الاخرى تطالب بايجاد حلول لهذا المعروض النفطي الكبير وتخفيضه على امل ارتفاع اسعار النفط. طبعاً لغاية الان لم يتم الاعلان عن تجميد الانتاج النفطي كقرار ملزم، وما يزال الامر طوعياً، ولكن الفائدة منه لمسها المنتجون في الاسواق العالمية بارتفاع اسعار النفط بمقدار 7% في التعاملات.
ان الخلاص من التخمة النفطية حظيت بدعم ايران والعراق برغم ان كلا البلدين له اسبابه في زيادة الانتاج، ولكنهما اعتبرا ذلك خطوة في الاتجاه الصحيح لاستقرار اسعار هذه السلعة الحيوية وتحقيق منافع جيد تفوق الاسراف في الانتاج وتعويضه من خلال ارتفاع الاسعار.
المراكز العالمية المتخصصة تتوقع اذا ما اتفقت بلدان اوبك والمنتجين خارجها على معادلة العرض والطلب في الاسواق سيصل سعر برميل النفط الى 47 دولاراً في وقت وجيز وبذلك تعم الفائدة على الجميع وتتقلص اضرار الانتاج المنفلت والمضاربة باهم سلعة لاقتصادات البلدان المنتجة وتخليصها من تقلبات السياسة والاعيبها.
مقالات اخرى للكاتب