لا نستطيع فهم الازمة السياسية التي يمر بها العراق منذ الاحتلال الاميركي عام 2003 دون التفكير العلمي الذي يشخص استقرائيا جوهر هذه الازمة المستديمة, والتي ستبقى كذلك مهما تغيرت الحكومات والشعارات السطحيه ما دامت اسباب هذه الازمه قائمة.فالجانب الاستقرائي الذي يوفر معرفة بما حدث ويحدث يوفر ايضا فهما بما سيحدث وهذا توقع ما سيفضي اليه القائم الذي يكشف عنه هذا الاستقراء . فلقد عجزت العملية السياسية التي اطلقها المحتل ان تستوعب نبضات هذا المجتمع من جهة, ولم تقدر من جهة اخرى على رسم حدود اولية وعامة لجغرافية المجتمع العراقي السياسية والتأريخية والمستقلية ايظا , وتسببت في التفتت الطائفي والتشظي الذي نمر به اليوم في العراق , مع ذلك هناك من يتمسك بها ويضفي عليها (قدسية) ويمنع المساس فيها وممكنات ان تستمر على منوالها نفسه (المحاصصة والديمقراطية التوافقية) الذي تحقق مادامت مشكلاتها وملابساتها العقدية قائمة. بل ان هذه المشكلات لا تبقى على حالها بل تتضخم وتستطيل الى حد يصعب ضبطها ومعالجتها , كما يحصل اليوم حيث بلغ الحراك السياسي ذروته واندفعت الجماهير في تظاهرات عارمة تطالب بالاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد ..
فتظاهرات الشعب يوم 11 شباط 2017 كان في مقدمة شعاراتها مطالب تغيير مفوضية الانتخابات واختيار عناصرها من الخبراء المستقلين كي تكون حقا مفوضية مستقلة بعيده عن تاثير الاحزاب المتنفذة في السلطة وكذلك وضع قانون انتخابات عادل يضمن حقوق الجميع. وياتي استخدام القوة من قبل عناصر محسوبة على الاجهزة الامنية في التصدي للمتضاهرين واستخدام الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيلة للدموع مما ادى الى اسالة الدماء وادى الى تصعيد وتوتر وتعقيد المشهد السياسي وان جوهر الازمة سيرشح (وسيضل يرشح) من خلال قواعد اللعبة الانتخابية هذه المشكلات والصراعات التي لم تتوقف ويصعب ضبطها فضلا عن صعوبة التكهن بنتائجها المستقبلية. واظن ان مشكلاتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي لم تعالج ولم تتناول بشكل علمي وموضوعي تضخمت الى ان الت الامور الى اسوء صورة ممكنة (على الرغم من ان ليس للسوء قرار).
مقالات اخرى للكاتب