عرضت بعض محطات التلفزيون العراقية وأيضا مواقع التواصل الاجتماعي يوم 25 / 5 /2016 فلم فديو خاص يصور عملية إلقاء القبض على الإرهابي الانتحاري المدعو حسين علي اللهيبي عند المدخل الشمالي لمدينة الكاظمية. وكان الانتحاري قادما من مضافته في منطقة تل طاسة التابعة لقضاء الطارمية شمال العاصمة بغداد،حيث تم هناك تجهيزه بالحزام الناسف وباقي المستلزمات الخاصة بالتفجير، وقد قدم الانتحاري حسين اللهيبي وهو تابع لما يسمى بولاية نينوى إلى بغداد على وفق مبدأ نصرة ولاية بغداد، وعند وصوله إلى سيطرة التفتيش استطاع رئيس عرفاء شرطة سعد علي ثابت مزعل اكتشاف هذا الإرهابي، فسارع لضبطه من خلال مسك يديه ومن ثم طلب مساعدة أحرين فقدم له أحد أقرانه المساعدة وأمسك باليد الأخرى للإرهابي.
من خلال الفلم المعروض يشاهد المرء الطرق البدائية وغير المهنية وحتى غير العقلانية في التعامل مع مثل هذه الحالات. فبالرغم من كون بوابة مدينة الكاظمية الشمالية مهمة جدا وسبق أن تعرضت للعديد من محاولات الاختراق حالها حال بوابات المدينة الأخرى، فقد ظهر الحدث وكأنه لعبة صبيان، يفقد التعامل معه أبسط شروط العقلانية والمهنية، وتظهر حالة الشرطة ورجال الأمن بأتعس وأغبى صورة، وأسخف وأرعن ممارسة لمسؤول أمني مؤتمن على حياة الناس. وكان المشهد يبدو لجهاز عسكري لا يعرف حتى المبادئ الأولية للمهنة، وما هي أبسط واجبات العسكري في مثل تلك الحالات.
شرطة وجيش يتراكضون وبعضهم يهزأ من الوضع ويذهب لتفتيش ومد يده لجيوب الإرهابي وهو يضع سيجارته في فمه ثم يعود ضاحكا ،وأخر يأتي بكرشه المتهدل ليشاهد الإرهابي ثم يهرب مسرعا، وأخر يضع بندقيته على الأرض ليدخل ثم يخرج دون مبرر، وكأن المشهد لقدر يحترق فوق طباخ وليس انتحاري يحمل حزاما ناسفا. وكان مواطنون نساء ورجال يأتون لمشاهدة هذا الانتحاري، الذي مثل لهم العرض الأخير لفلم إسماعيل ياسين دون أن يردعهم أحد الشرطة الذين كانوا يتقافزون في منطقة الحدث كالقردة. والأغرب من كل هذا، فإن نقطة التفتيش فتحت على مصراعيها لدخول السيارات والمواطنين دون رقابة وتفتيش، ولم تضع شرطة محمد العاكول في بالها بأن مهمة الانتحاري، ربما كانت أشغال العسكر في النقطة، ليدخل غيره إلى المدينة.
هذا الفلم الذي أمتد لأكثر من عشرة دقائق. وطيلة تلك العشر دقائق كان هناك عسكريان فقط هما من يمسك يدي الإرهابي، وحتى نهايته لم تأتي أية مفرزة مختصة في معالجة مثل هذه الوقائع عند حدوثها، وقد ظهر الإرهابي في حالة استسلام تام وكأنه مخدر. ولو أنه كان شجاعا وشرسا لاستطاع دفع العسكري وتفجير نفسه لتحدث الكارثة.
الفلم منذ بداية دخول الإرهابي إلى منطقة التفتيش، يعطي دالة على إن الإرهابي كان ساعيا إلى تسليم نفسه ولذا لم يبد مقاومة تذكر واستسلم بسهولة ليد شرطي واحد .
في رواية تتصل بهذه الواقعة فإن الإرهابي الانتحاري علي حسين اللهيبي نفسه، قدم معلومات عن وجود ثلاثة انتحاريين دخلوا العاصمة بغداد وما زالت قوى الأمن تبحث عنهم .أيضا قدم معلومة متكاملة عن المضافة التي جاء منها وأرشد العسكر بدلالات الواضحة ومحددة على البيت الذي استضافه في منطقة تل طاسة التابعة لقضاء الطارمية شمال بغداد، وعلى وفق تلك المعلومة ذهب النقيب في الفرقة الخامسة الشرطة الاتحادية مصطفى الساعدي ومعه مجموعة من عناصر الشرطة إلى البيت الذي وصفه لهم الانتحاري علي حسين اللهيبي . ودون معرفة ودراية مهنية أو حتى حذر وترقب مما يعرف عن العسكري ويتوجب أن يتمتع به أي شخص نال دورة تدريبية في أولى المعلومات العسكرية، فقد دخل النقيب مصطفى الساعدي ومعه مجموعة العسكر إلى داخل البيت لينفجر بهم ويقتلهم جميعا.
من خلال لقطات الفلم الذي عرض عن كيفية استسلام الإرهابي في بوابة الكاظمية، يبدو أنه كان متأكد جدا بأن تقديمه المعلومة عن البيت الذي كان يتواجد فيه في منطقة الطارمية، سوف تجعل العسكر العراقي يندفع ويذهب إلى هناك ليدخل البيت المصيدة ويتعرض للقتل، ومن هذا فأن الإرهابي الذي قبض عليه في الكاظمية قد نفذ المهمة التي كلف بها أحسن تنفيذ. وإن الشرطة الاتحادية قد كشفت عورتها في فلم القبض على الإرهابي وفي دخول ذلك البيت.
مقالات اخرى للكاتب