ما اتعس حظ العروس في ليلة دخلتها، عندما يفشل العريس في إنجاز مهمة الدخول الى القفص الذهبي، واطلاق آخر رصاصة على حياة العزوبية، وخيبة العروس تحصل عندما تكتشف ان الزوج مربوط وبحاجة إلى مساعدة وربما لعلاج، لانقاذه من ورطة وموقف قد يثير التساؤلات والشكوك، فتضطر الى الانتظار، محتفظة بالسر الخطير، ولكن عندما تفشل كل المحاولات، ويظل العريس مربوطا إلى اجل غير مسمى، تعود الى دار أبيها، وتخبر الام بسبب العودة، وحينذاك تبدأ مرحلة أخرى يشارك فيها اهل العروسين في معالجة الأزمة، بمراجعة الأطباء، والبحث عن مختصين معروفين بالقدرة على حل عقدة المربوط باستخدام السحر، وفي الكثير من الأحيان وبحسب الروايات الشعبية المتداولة يمكن التوصل الى العلاج المطلوب، ويحالف الحظ العروسين في خوض تجربة ثانية للدخول إلى القفص الذهبي، والخروج من طائلة "الفصل السابع" المفروض عليهما بموجب النظرات الاجتماعية المتخلفة، وتشير الروايات المتداولة في الأوساط الشعبية إلى أن المربوط وباستخدام العلاج الشعبي، استطاع انجاب الأطفال وعاش عيشة سعيدة.
الكتب والبحوث المعنية بالتراث الشعبي العراقي تناولت المربوط وسلطت الضوء على الاسباب، واشارت الى العلاج المعتمد باستخدام بعض الطلاسم، واللجوء الى السحر لحل المشكلة، وبغض النظر عن مدى امكانية السحر في تحقيق الخوارق، بتسخير الجن، يضطر المربوط الى اللجوء حتى للشياطين ليخلص نفسه وعروسه من تعاسة الحظ، وخيبة الليلة الأولى.
من ينظر الى المشهد العراقي هذه الايام والى العملية السياسية، يستطيع ان يصفها بانها مثل عروس المربوط، منذ اجراء "عرس" الانتخابات التشريعية السابقة، فالتوافق المعتمد في حسم الكثير من القضايا والملفات العالقة لم يتحقق، واداء مجلس النواب التشريعي والرقابي متذبذب، والكتل النيابية الكبيرة، وفي اطار حرصها على ضمان مصالحها في المرحلة المقبلة، اخذت تعلن رغبتها في تفصيل النظام الانتخابي على مقاساتها، لتضمن حصول النطيحة والمتردية على مقاعد في البرلمان المقبل، على حد قول النائب السابق القاضي وائل عبد اللطيف الذي وصف اعتماد القائمة المغلقة بانه ضربة قاصمة بمكاوير الكبار على" يافوخ" الديمقراطية بنسختها العراقية .
ما اتعس حظ العملية السياسية والتجربة الديمقراطية، لانها تعيش ازمة مستعصية منذ سنوات ولم تنفع معها دعوات الاصلاح وعقد مؤتمر وطني واجتماع طاولة مستديرة، وتشكيل اللجان لتسوية الخلاف حول الملفات المتعلقة بإدارة الدولة خلال المرحلة المقبلة، وهذا الحديث لطالما سمعه العراقيون من مسؤولين وقادة سياسيين، وحتى هذه اللحظة لم تبرز بوادر إيجابية تؤكد النية الصادقة لانقاذ العملية السياسية من محنتها الحالية سواء باستخدام السحر، او اي اسلوب آخر يجعلها تدخل في القفص الذهبي، وتشعر بسعادة ليلة الدخلة.
مقالات اخرى للكاتب