تعاظمت وامتدت العمليات والاعمال الارهابية والتي شملت مدن العراق من الشمال الى الجنوب وقد ادت تلك الاعمال الى خسائر هائلة في الارواح العراقية البريئة والتي عمت وشملت كل اطياف الشعب العراقي بغض النظر عن الانتمائات المذهبية وغيرها ، كما ابدت قوى الارهاب جاهزيتها في السبق والتخطيط والمبادئة.. حيث انها تجاوزت خطط الدولة وجهوزيتها واستعدادها وقدراتها وباتت قوى الارهاب هي التي تحدد الهدف وتختار المكان والزمان والمبادئة، في الوقت الذي نرى فيه قوى امن الدولة في وضع لا يحسد عليه من حالة الارتباك والتعثر والتفكك والتخلف والرد العشوائي بعد تلقي الضربات الموجعة الواحدة تلو الاخرى، مما جعلها في حالة من الحيرة الممتزجة بردود انفعالية غير مدروسة .. وفضيحة اقتحام سجني ابو غريب والتاجي شاهد على ذلك. ان ما تقوم به قوى الارهاب والتطرف الدموي وتوجيه ضرباتها اين ما تريد وفي الوقت المناسب لها لألحاق اكبر الاضرار بالمجتمع العراقي والهدف منه ارباك الوضع وخلق حالة من الهلع والخوف وكذلك اضعاف ثقة الناس بسلطة وقدرة الدولة واجهزتها الامنية وهذا ما يحصل بالفعل ، واذا استمعنا لرأي الشارع العراقي وماذا يقول المواطن وبأختصار فانه فقد ثقته بالدولة وقواها الامنية وهذا اول ما تريده وتطمح اليه قوى الارهاب والتطرف. لو اردنا ان نجري مقارنة بسيطة بين ما حققته قوى الارهاب والتطرف وبين انجازات الحكومة العتيدة لرجحت كفة الخصم وهم الارهابيون .. الحكومة واجهزة دولتها تعيش الان حالة من التطاحن السياسي والمذهبي والعرقي والجهوي مما جعلها في موقف لا تحسد عليه في الوسط الدولي والاقليمي بل جعلها نكتة ونادرة يتندر بها من يحب ان يذكر المثل المضحك المبكي ..في الوقت الذي امسكت قوى الارهاب المهزومة بالامس ، امسكت اليوم بزمام المبادرة والمبادئة لتنزل الضربات النوعية بقوى الدولة العراقية ومؤسساتها ولهذه المستجدات اسباب عديدة منها مثلا ان بناء الدولة العراقية ما بعد 2003 كان عشوائيا وان القوى النافذة التي هيمنت على اجهزة الدولة فشلت فشلا ذريعا في بناء دولة حديثة قوية في جميع المجالات والسبب الاساس في ذلك هو ان الاحزاب والكتل الكبيرة المتنفذة غارقة في الطائفية وتعمل على ادامتها وفي حمى هذا الصراع حاولت كل جهة اوكتلة السيطرة والاستحواذ وبشكل عمودي على جميع المناصب وفرص العمل في الدولة وابعاد القوى الاخرى وحتى ابعاد من هو مستقل كذلك( يعني نفس طريقة البعث) ومن الطبيعي في مثل هكذا تصرفات ممنهجة سوف تضيع المواصفات والكفائات وتسلم اجهزة الدولة الى اناس اميين في مجالات حساسة ودقيقة لا يفقهون منها شيئا . لقد لعبت المحاصصة وما سمى بسياسة التوازنات دورا سلبيا وسيئا في ادارة شؤون الدولة وشملت تلك السياسة مختلف مجالات الدولة العراقية ، ومنها الزراعة والصناعة والخدمات الصحية والاجتماعية والتعليمية فلا مصانع جديدة بعد ما هدمت القديمة ولازراعة ولا كهرباء وهي الاساس لتحريك عملية التقدم والبناء واصبحت دولتنا تستورد كل شيء واردئ المواد من الخارج واهملت موضوع البناء والتنمية واقامة المشاريع الصناعية والزراعية والري والسدود والماء والكهرباء وبناء الانسان العراقي وانتشاله من حالة الضياع والتدهور والتردي فهذا امر غائب عن اذهانهم وتفكيرهم وضمائرهم .. لقدعمّت البطالة في المجتمع واصبح لدينا جيشا هائلا من العاطلين عن العمل تتوجه لهم قوى الارهاب والتطرف لاغوائهم وتجنيدهم في جيوشها الجرارة ( فكم هو عدد افراد القاعدة اذا كانت سجون العراق تضم اكثر من ثلاثين الفا) ومع ذلك هي الان تعاود نشاطها بهذا الزخم والانطلاق الهائل، اذا هناك كم هائل من العراقيين الذين يعيشون تحت خط الفقر والذي تجد القاعدة في هذا السوق مرتعا لتجنيد الجيل الرابع ومن ضمنهم الانتحاريين ( علما في بداية عمل القاعدة في العراق كان الانتحاريون من الاوباش العرب من السعودية والخليج والمغرب العربي، اما الان فهم من العراقيين)وليس هذا وحسب وانما القوى والاحزاب المتمترسة وراء ميليشياتها كذلك تستغل سوق العاطلين عن العمل لتزود بها صفوفها وتهيئهم لليوم الموعود. الان الكل يعترف ويقر بعشوائية بناء الاجهزة الامنية وانها بعيدة كل البعد عن النزاهة والحرفية وانما لعبت في تشكيلها جملة من العوامل الغير نزيهة منها الرشى والمحسوبية والطائفية والجهوية والمذهبية والعرقية .. كما ان القاعدة وكل قوى الارهاب استغلت كل السبل وخاصة المال في تسريب عناصرها في مختلف تشكيلات قوى الامن الداخلي بما فيها الجيش وقد رأينا تواطئ مجموعة من ضباط وحراس سجني التاجي وابو غريب مع الارهابيين في تهريب السجناء.
مقالات اخرى للكاتب