يعيش العراق بإستثناء اقليم كردستان أزمة كهرباء خانقة تفاقمت خلال السنوات السبع الأخيرة في ظل حكم ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي . وقد عانى المواطنون الأمرين طوال هذه السنوات الماضية جراء الانقطاع المتواصل في الكهرباء في بلد تبلغ درجات الحرارة فيه مستويات عالية في فصل الصيف ، وهم في انتظار تحقق وعود المسؤولين التي يطلقونها كل عام مدعين ان الازمة في طريقها للحل وبان العراق سيصبح مصدرا للطاقة الكهربائية !
فقد وعد رئيس الوراء العراقي العراقيين في شبط عام 2011 وعقب المظاهرات الشعبية العارمة ، بحل أزمة الكهرباء و بصورة نهائية خلال 12 الى 15 شهر داعيا المواطنين الى التعاون والتفهم الى ذلك الحين .وقد انتهت تلك المدة في شهر مايس من عام 2012 ولم يطرأ اي تحسن على وضع الكهرباء. واما وزير كهرباء المالكي السابق والمدلل كريم وحيد فحدث عن وعوده وعن عقوده ولاحرج .
وأما نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني فقد وعد العراقيين في ايلول من ذات العام ، بحل أزمة الكهرباء نهائياً خلال عامين، مؤكداً أن وزارة الكهرباء وقعت عقوداً مع شركات عالمية ( الشركات الكندية الوهمية ) لتجهيز العراق بأكثر من تسعة آلاف ميغاواط من الطاقة، فيما كشف عن سعيها إلى توقيع عقود جديدة خلال شهرين لتجهيز البلاد بنحو خمسة آلاف ميغاواط. وقد انقضت مهلة العامين ولم يضف الشهرستاني ميغا واط واحد الى شبكة الكهرباء الوطنية .
وهكذا كانت وعودهم كما وصفها الشاعر العراقي :
ظل الوعود على أجفاننا إتقدا........ والوعد كالحلم لم ينعم به النظر
ما وعدهم الا كوعد عا.. عفت ولكن بماذا ينفع الطهر
وفي معرض تبريره لفشله في تحقيق وعوده التي قطعها للعراقيين القى رئيس الوراء العراقي قبل ايام وفي لقاء صحفي باللائمة على الشهرستاني متهما اياه بتزويده بمعلومات مغلوطة.وهكذا وبكل بساطة يبرئ المالكي نفسه ولا يتحمل اي مسؤولية حيال الشعب في قضية حيوية القت بظلالها على كافة مناحي الحياة .
فلماذا فشل المالكي والشهرستاني في حل هذه الازمة فيما نجح اقليم كردستان في تجاوزها برغم موارده المحدودة ولماذا عجز المالكي عن تأمين الكهرباء بشكل متواصل قرية واحدة في العراق عدا بؤرة الفساد والنهب في المنطقة الخضراء ؟ فهل هناك عجز في التمويل ام نقص في حوامل الطاقة أم ان هناك سوء ادارة وتخطيط ؟ ام ان الوضع الأمني هو الائق أم إن ازمة الكهرباء ازمة مفتعلة ؟
أما التمويل فان العراق لايعاني من مشكلة في هذا المجال اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان معدل مدخولات العراق النفطية تبلغ مئة مليار دولار سنويا وهذا يعني ان مجموع ما انفق من الموازنة خلال السنوات السبع الماضية بلغ السبعمئة مليار دولار لايشكل التمويل اللازم لحل ازمة الكهرباء سوى واحد بالمئة منها لاغير !
فحاجة العراق للكهرباء تتراوح بين اربعة عشر الف وسبعة عشر ميغا واط . ويبلغ حجم الانتاج الفعلي للكهرباء العشرة الاف ميغاواط وهذا يعني وجود عجز مقداره سبعة الاف ميغا واط كحد اعلى . واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار كلفة انتاج ميغا واط واحد من الكهرباء والتي تبلغ المليون دولار فان التمويل اللازم لحل ازمة الكهرباء يبلغ سبعة مليار دولار !
وهو مقدار ضئيل في بلد غني كالعراق .
الا ان الامر المثير للسخرية وللاستغراب وللحزن في ذات الوقت هو انفاق المالكي وطيلة رئاسته للحكومة قرابة الثلاثين مليار دولار ودون ان يتمكن من حل هذه الازمة !!!!
اذ يمكن بهذا المبلغ الهدور سد احتياجات العراق من الكهرباء مع فائض يبلغ قدره الثلاثة وعشرين الف ميغا واط يتم تصديره لدول الجوار ! فاين ذهبت هذه الاموال الضخمة وشقت طريقها الى اي من حسابات المشرفين على ملف الطاقة؟
اذن فلامشكلة في التمويل فماذا عن حوامل الطاقة والمقصود مصادرها ؟ فهي الاخرى محلولة ، فالعراق يزخر بالثروات الطبيعية من نفط ومن غاز فضلا عن مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة المياه .
واما عن الوضع الامني فبرغم ان الاوضاع غير مستقرة في البلاد الا انه لا يمكن التذرع به لتبرير الفشل في حل هذه الازمة.فهناك العديد من المناطق في العراق والتي تتمتع بأمن واستقرار نسبيين يساعدان على بناء محطات كهربائية لو كانت هناك ارادة حكومية لذلك . وخير دليل على ذلك هو مشروع المدينة الرياضية في محافظة البصرة .
فبرغم ان مساحة المشروع اكبر من تلك التي تتطلبها محطة كهربائية الا ان الحكومة نجحت في تأمين الامن حوله وهو على وشك الانجاز ، وهو يدل وبشكل قاطع على ان حكومة المالكي ليست بوارد حل ازمة الكهرباء بل ان سياستها هو استمرار هذه الازمة من اجل انهاك الشعب والهائه عن التطلع نحو فسادها وبالتالي دوام بقاء المالكي وحلفائه اطول فترة ممكنة في الحكم .ولاشك بان سوء التخطيط امر لايمكن غض النظر عنه الا انه ولو افترضنا وجود تخطيط ناجح لحل الازمة فان الارادة السياسية تمنع ذلك .
فالشهرستاني الذي يشرف على ملف الطاقة في العراق ليست لديه رغبة في حل هذه الازمة التي اصبحت كالبقرة التي الحلوب التي تدر عليه المليارات من خزينة الشعب . فهي تعطيه مبررا لابرام عقود لانشاء محطات كهربائية لن ترى النور ابدا الا ان قيمتها تتجاوز المليارات من الدولارات كما حصل مع العقود التي وقعها مع شركة كندية وهمية . وكذلك عقود استيراد محطات ضخمة تركت اجزائها في العراء في ميناء البصرة حتى صدئتر
وكذلك عقود استيراد الديزل والبنزين وعقود النقل وغيرها فهي كلها تدر ارباحا خيالية . والا فكيف يمكن تفسير صرف اكثر من ثلاثين مليار دولار على الكهرباء ولم ينجح الشهرستاني في اضافة ميغاواحد الى الشبكة الوطنية علما بان سبعة مليارات دولار وكما اسلفنا تكفي لحل أزمة الكهرباء !
ولذا فان ازمة الكهرباء ازمة مفتعلة من قبل المالكي والشهرستاني فهي البقرة الحلوب التي تدر لهم المليارات وفي ذات الوقت فانها وسيلة لانهاك الشعب العراقي واضعافه والهائه عن التفكير في فساد وجهل الطغمة السياسية الحاكمة التي تخرجت من مدرسة حزب الدعوة الاسلامية بعد اكثر من نصف قرن من الاعداد والاستعداد لدولة الدعوة الموعودة التي لهج زورا بالدعاء لها حزب الدعوة مرددا كل يوم ( اللهم انا نرغب اليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام واهلة وتذل فيها النفاق واهله وتجعلنا فيها من الدعاة لطاعتك ) فكانوا دعاة فساد ونعم الدعاة في دولة الامين العام لحزب الدعوة الحاج المجاهد الورع ابو اسراء المالكي !
مقالات اخرى للكاتب