رغم أني، منذ الصغر، تعلمت من والدي أن السحر وقراءة الطالع والكف والفنجان كلها خرافات، إلا إنني صرت أعيد التفكير بنصائح الوالد هذه الأيام. سوء حظ العراق بهذه الحكومة جعلني أبحث عن أشياء خارج دائرة العقل علّها تدلني على سبب سكوت الناس ورضاهم عمّا يحل بهم. لم أقرأ عن شعب يذبح كل يوم بفعل غباء الحكومة، ويعيش بلا خدمات والفقر ينهش رُبعه، على الأقل، والفساد يأكل خيراته، ومع هذا كله فيه كثيرون يدافعون عنها ويلوحون بأنهم سيعيدون انتخاب رئيسها. حظ مصخم، أليس كذلك؟
كان أبي يسخر حين يسمع أحدا يشيد بحظ فلان الفلاني ويؤكد انه "شايل خرزة". فلو أنه حي اليوم لأقسمت له أن "دولة جارنا" شايلة خرزة وأتحداه أن يثبت لي عكس ذلك. أريد ان أقول له، تعال يا شيخ وفسر لي كيف ان رئيس الخضراء، لم يقتص من مفسد واحد ولم يقدم منجزا واحدا فيه خير للبلاد أو العباد ولا في حسابه أن من واجبه حماية رقاب الناس من الذبح ودماءهم من الهدر، ورغم ذلك هناك من يسميه "مختار العصر"؟
لا يا شيخ أنها ليست "خرزة" فقط بل سأحلف لك بالذي تختاره ان في "جارتنا الخضراء" سحّارة ماكرة سوّت "عكد السان" للشعب ورشته في الساحات والشوارع فما عادت هناك تظاهرات ولا احتجاجات ولا حتى من يصيح بوجه الحكومة "آخ" من شدة الوجع.
هذه "الخضراء" صار اسمها كافيا وحده لأن يشعرني بالرعب واليأس والقرف. أي حظ أغبر هذا الذي جاء بها لتسكن عند حدودنا. ولا هيّه تشيل ولا احنا نكدر نشيل؟ طر كاعة وطاحت يعبودة!
لا أدري ما الذي دفعني للتفكير باحتمال ان يكون اسمها "الخضراء" هو سر هذا النحس الذي لف العراق من رأسه حتى قدميه. تساءلت: هل، يا ترى، هناك ربط بين اللون "الأخضر" وسوء الطالع؟ الغريب إنني، عندما أجريت بحثا بسيطا على شبكة الإنترنت، وجدته كذلك.
فالهولنديون، مثلا، يعتبرون ارتداء السترة الخضراء مجلبة لسوء الحظ. وفي بريطانيا تقول الناس ان السيارة الخضراء تتعرض للحوادث والأعطال اكثر من غيرها. وهناك من يقول في أوروبا: إنك اذا ارتديت الأخضر فتوقع قريبا انك سترتدي الأسود كي تحضر جنازة. أما في فرنسا، فيتجنب الممثلون هناك ارتداء الزي الأخضر على خشبة المسرح لأن الكاتب والممثل المسرحي موليير يوم مات كان يرتديه أثناء التمثيل. ومن ذلك اليوم اعتبر الفرنسيون اللون الأخضر مجلبة للسوء.
ربي كن في نحر كل من جاء بطركاعة "الخضراء" ورمى بها على رؤوسنا.
مقالات اخرى للكاتب