اثبتت الوقائع على الارض ان العراق بقواته العسكرية ومليشياته السنية والشعية غير قادر على مواجهة داعش بفاعلية بدون اسناد جوي وإنْ ياتي احيانا من دون تنسيق مع العراق ، ويستذكر هنا بعض المحللين ما يحدث في سوريا ، حيث لم تستطع القوات السورية لحد هذه اللحظة دحر الارهاب عسكريا ، وها هي حمص قد مضى عليها اكثر من ثلاث سنوات دون حاحصل نهائي لصالح النظام السوري ، رغم الدعم الايراني المذهل لسوريا ، واصطفاف كثير من ابناء الشعب السوري مع الاسد ، وقد لا يكون ذلك حبا بالاسد بل كرها بالارهاب وخوفا من نتائجه ، وليس سرا ان هناك دولة اسمها دولة داعش على الارض السورية بشكل وآخر ، وقبل يومين حققت القوات السورية نجاحات ملموسة على الارض ، ولكن لا ننسى ان ذلك جاء بعدان قامت الطائرات الامريكية بدك الكثير من مواقع داعش والنصرة في سوريا ، وكان الاختيار منصبا على قواعد مهمة من الناحية الاستراتيجية. ، فكيف وهذه الحال سوف يستطيع العراق مواجهة داعش ، وجيشه مفكك ، والموصل خارج السيطرة واكثر عشائرها متورطة مع داعش ، والرمادي شبه مستقلة وعشائرها غير مستعدة بمحاربة الارهاب بشكل جدي ، والفلوجة شبه مققلة لداعش او لفكر داعش بشكل وآخر ، وديالى تعيش وضعا مرتبكا ، وقوات الحشد الشعبي الكثير منها غير مدرّب ، وتحكم الخلافات بعضها ، وهناك الصراع على المغانم والكراسي الوزراية داخل اهم تكتل تنتمي اليه هذه الحشود الشعبية ، ومشروع الصحوات ما زال غير واضح المعالم .
ان العراق بكل صراحة لا يمكن مقومات وعناصر النجاح في مواجهة داعش ، خاصة وان التجارب اثبتت ان الفكر الداعشي قادر على تخليق وتوليد خلايات متكاثرة بشكل سرطاني بين الشباب المحسوب على السنة ،
ان الانهيارات المتتالية في جسد الجيش العراقي مهما كانت الاسباب مخيفة النتائج ،وعلى راس هذه النتائج تشكك بمدى جهوزية هذ الجيش باداء مهامه هنا ، ولا يجور ان نخفي الكم الهائل من شهداء الحشد الشعبي المتواصلة على مدار الايام بل الساعة ، ولا ينبغي ايضا ان نقيم بعض الانتصارات انها تسوغ عقلا وواقعا امكان تعميمها في كل المناطق التي يحتلها داعش والارهابيين ، فضلا عن ان جيش البيشمركة هو الاخر غير مضمون الموقف النهائي لاسباب سياسية وجغرافية واقليمية ، وبسبب التقلبات السريعة التي تحصل على الرض بشكل دراماتيكي مخيف ,
يطرح بعض المحللين العراقيين مشروع اعادة تدريب وتسليح الجيش العراقي ، وضخ اكبر عدد ممكن من الشباب في المعركة خاصة من ابناء الوسط والجنوب ، وتسليح العشائر التي ترى في داعش وغيرها من المجاميع الارهابية ضررا عليهم ، ومن ثم التنسيق بين كل هذه المفردات لخوض معركة المصير مع داعش ، ولكن هذا الطرح يتسم بالمثالية بعض الشيء ، كم يحتاج العراق من زمن ومال وعتاد وجهد ليصل الى مثل هذا المستوى القتالي ؟ وكم هي فرصة الاعتماد على ضباط الجيش السابق وهاي هي بعض نماذجه متهمة بالمسؤولية الكبيرة عما لحق العراق من خسائر في البشر والجغرافية والتاريخ وهم قادة من الرتب العالية ؟ وقوات الحشد الشعبي مهما بدى عليها من اخلاص وشراسة ، ولكنها ليست بمستوى تدريب داعش وربما حتى حماسها في بعض الاحيان .
إذن ما هو الحل هنا ؟
الذي يخشاه كثير من المحللين ان يصل العراق الى قبول سياسة الامر الواقع ، فيستعين بالغرب ، ويسجل مرة اخرى اسفه على الموقف السلبي من الاتفاقية الامنية بشكل وآخر بعد ان اصر العراقيون على خروج القوات الامركية ، وان كان الامريكان ربما على رضا داخلي من هذا الاصرار .
ان كل المؤشرات تؤكد ان معالم الحرب الاهلية قادمة لا سامح الله ، ولا مانع ان تكون هناك حرب اهلية مع هدوء حذر ولسنوات طويلة يسود العاصمة بغداد ، كما هي في سوريا على سبيل المثال ,
نقطة هنا جديرة بالانتباه ، الخوف من ان بعض المناطق العراقية المبتلاة بداعش سوف تشرع لتواجد جيش اجنبي على اراضيها ، وإذا ما قبل الغرب او التحالف بهذا الطلب ، ما ذا سيكون موقف الآخرين.
ان المطلوب حقن اكبر كمية من دماء الناس ، وعدم المتاجرة بالعاطلين عن العمل ، والانحياز للواقعية ، وترك الشعارات العاطفية ، والا سيكون الطوفان
مقالات اخرى للكاتب