النجاح لا يأتي من الجلوس خلف المكاتب والعزائم، ولا توظيف عوائل المسؤول الذي إتخذه معظم سياسيونا، والذين كان من المفترض أن يكونوا مثالاً، بدل أن ينزلوا به لمنزلق الهدم والفساد .
نمر بمرحلة خطيرة جداً، ونعاني خلال السنوات الفائتة من عمر الحكومة الجديدة، التي بلغ عمرها أكثر من إثنتي عشر عاماً، إنتهى بها المطاف الى أزمة مالية ربي وحده يعلم متى تنتهي !.
قناة الحرة عرضت برنامج لإحدى شركات الطيران، وقد قام مديرها بخطوة غير مألوفة! وهي العمل بها كعامل متدرب بصورة متخفية، ليعلم كيف يسير عمل شركته، فجاب كل مفاصلها الحيوية، فرأى العجب من العمال الحريصين على شركته، وهم يؤدون عملهم على وجه الدقة والتفاني، واستمع لشكواهم وكأن الأمر لا يعنيه، وفترة أسبوع كامل إستطاع أن يعرف ما هي نقاط الضعف والقوة معاً، وماهية الحلول لنهوض بخدمات شركته المُقَدّمة للمسافرين، من قبل الأشخاص الذين يقع على عاتقهم نجاح أو فشل الشركة أعلاه، حيث جمع كل الإدارات فيها وأبدى إنطباعه الكامل، لأنه رآها بأم عينه وأرسل لكل العمال الذين إشتغل تحت أيديهم، وكرمهم تكريما إنسانيا وماليا ومعنوياً، وترك لديهم إنطباع ينم عن حرصه على عماله وشركته معاً، إضافة الى شكرهم لأنهم عاملوه بإنسانية .
أرسل المدير لكل الذين عمل معهم، وبدأ بتكريمهم ولم يكونوا متوقعين أن الذي عمل تحت أيديهم هو المدير، وفي اللحظات التي كرمهم بها بدأت تنهار الدموع للموقف، ومنهم من تكفل بدفع فواتير أبنائهم في الكليات، ومنهم السفر في أي مكان يختارونهم على نفقة الشركة ومنهم من أعطاه مبلغ عشرون الف دولار نقداً.
دوائرنا وشركاتنا وكل مفاصل الدولة، لم نسمع أو نرى مسؤولا قد أقدم على خطوة مشابهه بالعمل من موقع أدنى، ولم ولن نرى مستقبلا هكذا خطوة! لأننا نريد إستلام منصب ونجلس على كرسي وننهى نأمر، ونوظف أقاربنا ونقيم حفلات وسفر وإيفادات كلها تصب في صالح أشخاص، ولم ولن يفكروا يوما أن يخدموا بلدهم .
هذا المدير الذي عمل بموقع أدنى، حرص على أن يكون أؤلائك الذين عَمِلَ معهم، ان يكونا مسؤولين ومشرفين على دورات يقدموا فيها خبراتهم للعاملين الجدد في الشركة، لتكون رائدة في مجال الطيران، وتكسب رضا مسافريها ورضا عمالها وموظفيها في وقت واحد، لان المنفعة يجب أن تكون فائدة عامة .
الفساد الذي عمّ كل المؤسسات يحتاج الى قرار قوي من شخص قوي، والإصلاحات التي تسير بوتيرة السلحفاة لا تنفع في الوقت الحاضر، لأننا ما لم نكن حازمين بالإصلاح لن نقدر أن نسبق الفساد، لأنه يتطور مثله كمثل الفايروس الذي يصيب الحاسبات، وينتشر كأنتشار النار في الهشيم .
هم ينجحون لانهم حريصون، ونحن نفشل لأننا غير مهتمين بمصلحة البلد، وكأننا لدينا بقرة حلوب نأخذ منها الحليب وقتما شئنا، ولم ننتبه لهذه البقرة الذي يحتم علينا واجبنا أن نعطيها الغذاء، لتستمر في إعطائنا الحليب .
نفرح للقرارات المتخذة من قبل رئيس الوزراء، بيد أننا نستغرب أن هؤلاء المقالين يأخذون كامل رواتبهم وإمتيازاتهم، ويصرحون بها بالعلانية ولم يجروء أحد على الإعتراض سوى المتظاهرين، وأمر جريمة سبايكر والمتورطين بها وباقي الملفات، الذي كنّا نتأمل أن يأخذوا جزائهم العادل فقد ذهب أدراج الرياح !.
مقالات اخرى للكاتب