صورة العراق كميدان رماية آخذة بالترسخ والاتساع حتى ان مواطني بلدان مثل قطر يقبلون على زيارة بلدنا تحديدا من أجل ممارسة الصيد بينما ترفض حكومات بلدانهم المشاركة في كثير من الفعاليات داخل العراق وتخشى من فتح سفارة لها في بغداد رغم التحصينات التي توفرها الاجهزة الامنية العراقية.
البلاد التي لاتصلح في نظر بعض الدول إلا أن تكون ميدانا للرماية ولتجريب البنادق والصقور والكلاب والصواريخ العابرة للقارات ومتانة الآليات المدرعة ودقة اجهزة القنص، هذه البلاد ليس لها ان تعترض على صورتها مادامت حكوماتها تعتبر ان من الطبيعي منح تراخيص صيد لمواطني دولة ترفض فتح سفارة لها في اراضي القنص والصيد، تبرير الحكومات العراقية المتلاحقة لهذا الترخيص بأنه تأكيد على إن الاوضاع في العراق جيدة وان البلاد تتمتع بالأمن والاستقرار والدليل هو اقبال الصيادين القطريين خاصة والخليجيين عامة على ممارسة هوايتهم في العراق رغم ان هؤلاء الصيادين يتعرضون بشكل دوري للخطف ولاتعرف ملابسات اختطافهم او الافراج عنهم فيفهم الناس هنا الطريقة التي تم بها الافراج عن المختطفين (دفع فدية) وهي جزء من التقاليد الامنية والسياسية والاجتماعية الآخذة بالرسوخ.
اختطاف عدد من الاجانب كان سيثير الكثير من الاهتمام في بلد غير العراق لأن الخطف حالة يومية حتى لبسطاء الناس فما بالك بأثرياء أجانب بينهم ابناء أسر حاكمة، لذلك يمر الخبر سريعا وربما مضحكا في النشرات، اذ يحاول المواطن العادي ان يفهم سر الاصرار القطري والخليجي على الصيد في صحراء العراق الشاسعة وليس على إلقاء الشعر او الغناء او المتاجرة او البناء او حتى على فتح سفارة، بالتأكيد لن تجد قطريين يتجولون في بغداد لكنهم يتجولون في صحارى النجف والسماوة، هذا من حقهم مادام الامر قانونيا وبالاخص عندما نستذكر العدد الكبير من الانتحاريين والارهابيين الذين تجولوا في مختلف انحاء العراق بعدما دخلوه بطرق غير رسمية.
العراقي لايفهم سر المخاطرة القطرية بالصيد في صحارى العراق التي يتجنبها العراقيون أنفسهم ولو كان عدد الاسئلة في بلدنا قليلا لتفرغ بعض الصحفيين والمحللين للبحث عن تفسير للشغف القطري بطيور العراق وأرانبه بينما يمكن لهؤلاء القطريين البحث عن تسلية أكثر أمنا وفي بلد هادئ لاتتحول فيه قضية خطفهم الى ميدان لتقاذف الاتهامات بين الحكومات المحلية والمركزية وبين اللجان الامنية والمتحدثين الرسميين باسم مديريات الشرطة وكل هؤلاء عادة لايتعاملون بنفس الاهتمام مع تزايد جرائم الخطف في البلاد ربما لأن ضحاياها عراقيين وأيضا لايحبون الصيد.
نتمنى السلامة للجميع وان يفرج بسرعة عن الصيادين المختطفين ونترقب عودتهم في موسم الصيد المقبل فهذه البلاد فيها وفرة من الطرائد السهلة الشهية وصحاريها جاهزة للهو البريء وأهلها مشغولون عنها بهمومهم وهواياتهم الأكثر قسوة من صيد الطيور والارانب.
مقالات اخرى للكاتب