بغداد – تمخضت سياسة الحوار السياسي عبر الهاتف الخلوي "الموبايل" التي أدارها خلال اليومين الماضيين رئيس التحالف الوطني العراقي إبراهيم الجعفري، عن أتفاق أولي على عقد "الملتقى الوطني" مطلع الشهر المقبل، فيما لا تزال مشاركة القائمة العراقية موضع تباحث هاتفي أيضا بين الكتل السياسية المتخاصمة. فمن عاصمة الضباب لندن قاد الجعفري حوارات مكثفة مع الساسة المتخاصمين في بلاد الرافدين بعد أن تقطعت بينهم أوصال الوفاق السياسي، فبات "الهاتف الخلوي" وسيلة ناجعة للم الشمل السياسي. وقال بيان رسمي أصدره مكتب إبراهيم الجعفري أن الأخير أجرى خلال اليومين الماضيين العديد من الإتصالات مع رئيس الجمهورية جلال الطالباني، ورئيس الوزراء نوري المالكي، ورئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني، ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم، ورئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي، ورئيس كتلة الأحرار النيابية النائب بهاء الأعرجي، وتلقى منهم اتصالات أيضا. وشدد البيان الرسمي لمكتب الجعفري أنه أكد خلال تلك الحوارات الهاتفية على أن "تضع القوى السياسية كافة المصلحة والأهداف الوطنية في أولويات حواراتها وأن تطلّ وتدخل بإرادة وحضور فاعل وجادّ والعزم على أن تغلق كل الأبواب وتفتح باب الحل لتجاوز المشاكل على قاعدة التفاهم وعدم الاختناق بالقضايا الجزئية"، مشيرا إلى "أننا لسنا في أزمة مبادرات إنما في أزمة إرادة وأزمة إصرار على الخروج بحلول ناجعة". وأدت هذه الحوارات الهاتفية التي قادها الجعفري إلى أتفاق أولي بين الكتل السياسية العراقية الفاعلة والمتخاصمة لعقد "الملتقى الوطني" العصي على الإنعقاد والإتفاق على أجندته، في الأسبوع الأول من الشهر المقبل. وقال إبراهيم الجعفري في بيان رسمي اصدره أمس الجمعة انه اتفق مع قادة الكتل السياسية الفاعلة أن "يكون الأسبوع الأول من شهر أيار المقبل موعدا لانعقاد الملتقى الوطني في بغداد". وكانت اللجنة التحضيرية للاجتماع الوطني عقدت، في الرابع والعشرين من نيسان الحالي، اجتماعها بغياب القائمة العراقية وحضور ممثلي التحالفين الوطني والكردستاني، فيما أعلن نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي أن اللجنة كلفت ممثلي التحالف الوطني بتنظيم جدول عمل مقترح يعرض على أعضاءها لإبداء الملاحظات من اجل تقديمه بعد الاتفاق عليه إلى رئيس الجمهورية لتحديد موعد انعقاد الاجتماع الوطني المرتقب. وعزت العراقية بزعامة إياد علاوي، نهاية الأسبوع الماضي، مقاطعتها الاجتماع لعدم وضع بنود اتفاقية أربيل ضمن جدول أعمال اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني. كما انتقدت تكليف ممثلي التحالف الوطني بتنظيم جدول عمل الاجتماع الوطني، وأكدت أن هذا الجدول يخص الأطراف التي ستعده ولا يلزم العراقية بشيء، مهددة بلجوئها مع باقي الكتل السياسية لكافة الخيارات الدستورية في حال عدم تنفيذ رئيس الحكومة نوري المالكي بنود اتفاقية اربيل. وكان عمار الحكيم دعا الخميس الماضي، القائمة العراقية بزعامة أياد علاوي إلى إعادة النظر بقرار مقاطعة الاجتماع الوطني، كما طالب السياسيين بعدم "إغراق اللقاء الوطني بقائمة طويلة من المطالبات"، مبينا أن المواطن فقد ثقته بالمسؤولين الذين انتخبهم. وشكك التحالف الكردستاني بجدية عقد الملتقى الوطني والأجندة التي سيتضمنها، مؤكدا أن الطريق لعقد الملتقى لا تزال غير معبدة. وقال النائب عن التحالف الكردستاني برهان فرج إن "كثرة المشاكل الموجودة بين الكتل السياسية أدت إلى تعقيد الوضع أكثر مما كان عليه في السابق ما جعل عملية إيجاد الحلول الناجحة تصل إلى طريق شبه مسدود ولا يؤدي السير فيه إلى أي نتيجة سلبية كانت أم ايجابية". وأضاف إن "عرقلة بعض الكتل السياسية لعقد المؤتمر الوطني في الوقت الحالي تأتي ضمن محاولات لتشكيل جماعة ضغط وإيجاد قوة سياسية يمكنها أن تجبر الحكومة في الوقت الذي تراه مناسبا على تحقيق مطالبها كي لا تسحب الثقة منها". وأشار فرج إلى أن "عقد المؤتمر الوطني في الوقت الحالي أمر ضروري جدا ويمثل الحل الأمثل لجميع المشاكل العالقة التي تعرقل سير العملية السياسية في العراق في هذا الوقت الذي يعاني البلد فيه من الكثير من التحديات الداخلية و الخارجية ما جعل عملية الحوار أمرا مهما يمكن من خلاله طرح جميع المشاكل بموضوعية وهدوء للخروج بنتائج يمكنها أن تنتزع فتيل الأزمة وإنهائها دون رجعة". وحدد رئيس الجمهورية جلال الطالباني، في الخامس والعشرين من شهر آذار الماضي، الخامس من نيسان الحالي، موعداً لانعقاد الاجتماع الوطني، داعياً اللجنة التحضيرية المكلفة بالإعداد للاجتماع إلى انجاز عملها قبل الموعد المحدد لعقده، لكن المؤتمر الوطني لم يعقد بسبب عدم الاتفاق على جدول أعماله. يذكر أن حدة الخلافات بين الكتل السياسية تصاعدت بعد أن تحولت من اختلاف العراقية ودولة القانون إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني أيضاً، بعد أن جدد رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني هجومه ضد نوري المالكي، واتهامه بالتنصل من الوعود والالتزامات، مشدداً على أن الأكراد لن يقبلوا بأي حال من الأحوال أن تكون المناصب والصلاحيات بيد شخص واحد "يقود جيشاً مليونياً ويعيد البلاد إلى عهد "الديكتاتورية".