بما أن المنافسات و الألعاب الرياضية بين الدول من الضواهر الجميلة و الراقية و تلعب دورا مهما في التقريب و التواصل بين الشعوب و الدول مما يؤدي الى مد جسور من المحبة و الالفة مما ينعكس ايجابيا على العلاقة بين هذه الدول و الشعوب بصرف النظر عن مبدأ الفوز و الخسارة و الذي له حساباته و مقاساته الخاصة به ، هذه الفعاليات و المباريات الرياضية يجب ان تقام في ظروف هادئة و طبيعية بعيدا عن كل ما يعكر صفوها مثل التدخلات السياسية و غير ذلك من امور لا تمت للرياضة بصلة ، .اتحاد الكرة العراقي ، و بسبب حظر اللعب على ارضه من قبل الفيفا لإسباب معروفة ، اختار ايران بديلا عن ارضه لمقابلة المنتخب السعودي ، لماذا ايران يا إتحاد الكرة !؟ هل يجهل الاتحاد ان العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين السعودية و ايران ؟ هل يجهل الاتحاد ان هناك حربا لا تزال نيرانها مشتعلة الى اليوم بين السعودية و الحوثيين المدعومين من ايران عسكريا و اعلاميا و دبلوماسيا ؟ هل العلاقة طبيعية بين ايران و السعودية ؟ كيف يتوقع عاقل ان ترسل السعودية وفدها الكروي الى بلد لم يحترم حرمة سفارتها التي تُحرم انتهاكها كل القوانين ؟ ما الضمان ان لا يتعرض الوفد الكروي السعودي الى الإعتداء و الاستفزاز من قبل الحرس الثوري الايراني كما حصل في حادثة السفارة سابقة الذكر ؟ و كيف سيلعب الفريق السعودي المباراة في وضع مشحون كهذا ؟ كيف غابت أو غُيبت هذه الأسئلة عن أعضاء اتحاد الكرة العراقي ؟ ليس دفاعا عن السعودية ، لكن الحق يجب ان يقال ، كل دولة ملزمة بالحفاظ على مواطنيها من اي خطر أو مكروه ، فما بالك برياضييها الذين يرفعون علمها و يمثلونها في المحافل الدولية ... قامت الدنيا و لم تقعد عندما رفضت السعودية اللعب في ايران و إنطلق سيل من الشتائم و التهم ضد السعودية ، و لا يزال الاتحاد العراقي مصرا على تقديم شكوى للاتحاد الدولي كي تقام المباراة في ايران ! و ما كان لكل ذلك ان يحصل لو تَفهم الاتحاد العراقي اسباب الرفض السعودي و هي أسباب واقعية لا يستطيع منصف ان ينكرها ، فلو كانت العلاقة بين ايران و السعودية ودية و طبيعية لما توفرت الحجة المبررة للرفض ، و لما توفرت الحجة المبررة للاتحاد الآسيوي للرفض و تأييد الموقف السعودي ، و لو كنا مثل السعودية و واجهنا موقف مثل هذا الذي تواجهه السعودية لفعلنا الشيء نفسه ، هذه من بديهيات الأمور و لا داعي للف و الدوران عليها ، و على إفتراض ان الاتحاد السعودي وافق على اللعب معنا في ايران ، رغم ان هذا الأمر مستبعد تماما ، فكيف عرف ( العباقرة ) الذين وقع إختيارهم على ايران ملعبا لنا أن النتيجة ستكون لصالحنا و اننا سنحقق الفوز على المنتخب السعودي ؟ من قال أننا سنفوز على السعودية إن جرت المباراة في ايران ؟ مع التمني أن يفوز العراق طبعاً ، يبدو ان اتحاد كرتنا تطغي على قراراته السذاجة و عدم الخبرة أو أن الطائفية قد نخرت عقول أعضاء هذا الاتحاد أو الإثنين معا بحيث أصروا على الملعب الايراني دون بقية الملاعب العربية المجاورة لنا ، حالمين بأن الفريق السعودي سيقع في الفخ و يأتي الى ايران كي يواجه الكراهية و الاستفزاز في حله و ترحاله مما يؤثر على معنويات لاعبيه و طاقمه التدريبي و بذلك يخسر المباراة أمام العراق !! و ربما دار في خلد من اختار الملعب الايراني أن شباب ايران سيملئون الملعب يشجعون الفريق العراقي نكاية بالفريق السعودي ، و ما علموا ان التومان ثمين جدا عند الايراني و لن ينفقه في شراء تذكرة لمشاهدة فريقين عربيين لا ناقة له بهم و لا جمل ... و لا يستبعد ان يكون دخول الملعب مجاني أو أن تتكفل الحكومة الايرانية أو العراقية بتوزيع تذاكر مجانية للايرانيين كي يدخل اكبر عدد منهم لتشجيع الفريق العراقي ... فكل شيء وارد ... و يبدو أن هذا ما كان يُعول عليه من إختاروا الملعب الإيراني ، التبرير الذي يسوقه من إختار الملعب الإيراني هو أن من السهل على الجماهير العراقية الذهاب الى ايران تشجيعا للفريق كون ايران بلد قريب و ملاصق للعراق ، و الرد على هذا التبرير الواهي سهل و بسيط : الغالبية العظمى من مشجعي الفريق العراقي هم من الشباب ، و حال شبابنا كما يعرف الجميع حال مأساوي ، فهم بالكاد يستطيعون تدبير معيشتهم كون معظمهم بلا عمل و لا مورد و يصعب عليهم السفر من محافظة لمحافظة داخل العراق فكيف بالسفر الى دولة اخرى . من ناحية اخرى ، لماذا لم يفكر إتحادنا الكروي باختيار الاردن حيث يوجد ما يقارب النصف مليون عراقي ، واذا افترضنا ان الملعب الاردني يستوعب ستين الف شخص ، و بما ان الملعب سيتقاسمه مشجعي العراق و السعودية ، فإن حضور ثلاثين الف مشجع عراقي للملعب سيكون ممكنا بسبب حجم الجالية العراقية الكبيرة في الاردن و بذلك نتخلص من مشكلة ارسال مشجعين من العراق يجب حصولهم على الفيزا و ما يرافق ذلك من اشكالات ، و بذلك سيوافق الفريق السعودي على اللعب في الاردن إذ لن يكون هناك سبب للرفض ، و نفس المبدأ ينطبق على دولة الامارات حيث يوجد ما يقارب الربع مليون عراقي و هناك قطر و سلطنة عمان و ربما لبنان ، ألا يؤشر ذلك أن عدد المشجعين العراقيين في الملعب العربي سيكون أكثر بكثير بالمقارنة مع الملعب الايراني ... كل هذه الدول لم تخطر على بال اتحادنا الكروي فبقي مصرا على الملعب الايراني ... لماذا ؟؟ أليس من الافضل و اللائق أيضا ان يلعب فريقان عربيان على ارض عربية ؟ و من جانب آخر ، لماذا لم يتشاور اتحادنا الكروي مع الاتحاد السعودي بشأن الملعب البديل ، فان وافقت السعودية على الملعب الايراني فبها ، و إن لم توافق فليس صعبا الاتفاق على ملعب آخر بدلا من فرض سياسة الأمر الواقع بالاصرار على اللعب في ايران او تقديم شكوى للفيفا لن تغير من الأمر شيئا ، واضح ان اتحادنا الكروي خلط السياسة بالرياضة في اختيار الملعب الايراني ، فهذا الاتحاد يعرف جيدا ان ما بين السعودية و ايران ما صنع الحداد ، و محاولة كسب مباراة باجبار الفريق المقابل على اللعب في جو معادي له و في دولة معادية له سلوك يطرح ألف سؤال و سؤال !و أخيراً و ليس آخراً نريد يا إتحادنا الكروي ان نرى فوزاً عراقياً نظيفاً يشرفنا و يشرف تاريخنا الكروي العريق ، سواء كان ذلك على المنتخب السعودي الشقيق أم على غيره من الفرق ، لا نريد فوزا نحصل عليه بطرق ملتوية لا تمت للرياضة بصلة ... و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .ً
مقالات اخرى للكاتب