بغداد – في رسالة جديدة لتأكيد أنفصال إقليم كردستان عن المركز، منعت قوات البيشمركة الكردية قوات الجيش المركزية من الانتشار على المناطق الحدودية بين العراق وسورية، بحجة عدم التنسيق المسبق، فيما حذرت الحكومة المركزية في بغداد من تبعات هذه الخطوة وأنحدار الأمر لمواجهة مسلحة بين الطرفين.
وقامت قوات البيشمركة الكردية التابعة لإقليم كردستان بمنع الفوج 32 التابع للفرقة العاشرة التي يشرف عليها نوري المالكي من التقدم من منطقة ربيعة إلى منطقة زمار في محافظة نينوى. حيث قامت قوات الجيش العراقي بالإنتشار على كافة المناطق الحدودية بين العراق وسورية بعد تطورات الوضع الأمني في سورية وسيطرة الجيش السوري الحر على أغلب المناطق الحدودية والمنافذ الحدودية بين العراق وسورية.
وقال الأمين العام لوزارة البشمركة في حكومة إقليم كردستان العراق جبار ياور، إن الحكومة العراقية أرسلت من الناصرية منذ يومين فوجا إلى الموصل لحماية الحدود مع سوريا في مناطق تلعفر وسنجار، لكن قوة من البشمركة منعته من التقدم.
وحسب جبار ياور كانت القوة العراقية، وهي الفوج 32 التابع للفرقة العاشرة، يحاول التقدم من منطقة ربيعة إلى منطقة زمار في الموصل، حيث يقع معبر حدودي غير رسمي بين سوريا وإقليم كردستان اسمه فيشخابور. وبرر ياور التحرك الكردي هذا بعدم وجود تنسيق مسبق، قائلا إن المنطقة التي كان الفوج يتقدم نحوها "منطقة متنازع عليها"، وهي حسب قوله "مناطق آمنة ومستقرة ولم يحدث فيها أي شيء مع الجانب السوري"، كما أن "جميع سكانها من الأكراد ولم تصل إليها القوات العراقية منذ عام 2003".
ونشرت السلطات العراقية قوات إضافية عند حدودها مع سوريا التي تشهد مواجهات بين القوات النظامية السورية والمعارضة، التي تسيطر على واحد من ثلاثة معابر رئيسية بين البلدين.
وتسببت عملية المنع في إثارة أزمة سياسية جديدة في البلاد التي تعاني اصلا من أزمة سياسية خطيرة، بعد تصاعد الإتهامات المتبادلة بين الطرفين، ففي الوقت الذي حمل التحالف الكردستاني نوري المالكي بإثارة المشاكل السياسية بين المركز والإقليم، طالبت الحكومة في بغداد الإقليم بالتراجع عن قرارها والسماح بدخول القوات العراقية للمناطق الحدودية سواء بالتفاهم أو بالقوة.
وحمل التحالف الكردستاني، اليوم السبت، نوري المالكي مسؤولية إثارة مشاكل سياسية جديدة بين اقليم كردستان والحكومة الاتحادية، معتبرا ارساله قوات عسكرية الى منطقة ربيعة محاولة للفت الانظار الى القضية السورية وترك المشاكل الداخلية. وقال نائب رئيس الكتلة محسن السعدون إن "موضوع سوريا هو موضوع داخلي بين الحكومة والشعب ولكن الان القوات التي ارسلها نوري المالكي من الناصرية الى منطقة ربيعة التي يوجد فيها قوات من حرس الاقليم والشرطة الاتحادية تشكل مشكلة لنا".
واوضح السعدون "نحن نشعر بأن المالكي يريد ان تكون الانظار متجهة الى مشكلة جديدة ويترك مشاكلنا الداخلية، يجب ان نتعامل مع القضية السورية بعقلانية". وكشف السعدون عن "توتر في منطقة ربيعة بين القوات العراقية وقوات البيشمركة"، مبينا أن "مثلث فيشخابور لم تدخله القوات العراقية منذ عام 1991 وهو يخضع لسيطرة قوات البيشمركة".
وطالب إئتلاف التحالف الكردستاني وحركة التغيير الكردية مجلس النواب "بالتدخل لوقف تداعيات ارسال قوات عسكرية الى الاقليم"، داعياً مجلس النواب الى "إرسال وفد للإطلاع على الوضع هناك والتحرك بهدف منع حدوث أي تصعيد لا تحمد عقباه". واكدا بيان صدر اليوم السبت عن الكتلتين في مجلس النواب "في الوقت الذي ينتظر فيه الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه نجاح الجهود المبذولة من اجل التوصل إلى حل توافقي ومرضٍ للأزمة السياسية المستعصية التي تعصف بالبلاد ومؤسسات الدولة، ينذر الوضع المتأزم في المناطق المتنازع عليها بين محافظتي نينوى ودهوك، وبالتحديد في ناحية زمار، بنتائج وخيمة ستكون كارثية على العراق وشعبه مالم تعالج باسرع وقت ممكن".
وتابع البيان "لقد قامت مساء امس قوة من الجيش العراقي بأوامر من قيادته العليا بالتقدم نحو مناطق هي تحت سيطرة حرس الإقليم منذ العام 2003، وهي منطقة آمنة كانت وما زالت قوات حرس الإقليم وحرس الحدود الاتحادي كفيلة بحفظ الأمن فيها, وإن تقدم القوات العراقية، بدون تنسيق مسبق بين الحكومتين الاتحادية وفي الإقليم أو اشعار لقوات الإقليم، حيث لا يفصل بينهما سوى بضع مئات الأمتار، قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، في حالة وقوع عمل طائش من أي من عناصر القوتين، يشعل فتيل اقتتال من الصعوبة السيطرة عليه، مما يعود بنا مرة أخرى إلى أوضاع ما قبل 2003، الذي لا يتمناه أي عراقي".
واهابت الكتلتان بكل القوى الخيرة العمل باسرع وقت من اجل معالجة هذا الوضع الخطير وتداعياته وفقاً لبنود الدستور والقوانين التي تحكم البلاد، معبرتان عن الامل بأن الشعب العراقي الذي عانى الأمرين من الحروب الداخلية والخارجية وويلاتهما لا يمكن ان يسمح بإندلاع حروب جديدة، ومن يسعى إلى تكرار مآسي الماضي سيواجهه الشعب العراقي بكل مكوناته صفاً واحداً ويداً بيد.
وقال النائب عن التحالف الكردستاني محما خليل، اليوم السبت: إن توجيهات بغداد للقوات المسلحة الاتحادية، بالحذر من حرس حدود الإقليم يدل على عدم وجود ثقة بين القوات العراقية، بالإضافة الى أنها رسالة سلبية تأتي ضمن سلسلة السياسات السلبية تجاه كردستان. وأضاف: أن الحرب السياسية باتجاه كردستان مستمرة، وعززت بحرب اقتصادية، وقد تتطور، معربا خليل عن أمله الى احتكام جميع القيادات السياسية للعقل والدستور وحل الأزمات.
وأكد عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب عن التحالف الوطني عباس البياتي، أن حماية الشريط الحدودي بين العراق وسوريا من واجبات السلطة الاتحادية حسب ما نص عليه الدستور.
وقال البياتي اليوم السبت: بحسب الدستور العراقي ان السلطة الاتحادية تتخصص بالسياسة الخارجية وآمن الحدود والسياسية النقدية والتمثيل الخارجي، ومعارضة أي جهة على نشر قوات عراقية على الحدود يعد مخالفة للدستور.
وأعرب النائب عن الوطني:عن خشية من تداعيات الوضع الامني لسوريا على الوضع الأمني للعراق، مبينا: "أن سوريا أصبحت الآن بؤرة للاستقطاب الارهابين من الشرق والغرب".
وفي المقابل، أعتبرت عضو التحالف الكردستاني النائب عن ائتلاف الكتل الكردستانية بريزاد شعبان، قيام الحكومة الاتحادية بارسال قوات من الجيش العراقي الى الحدود مابين العراق وسوريا، ذريعة لأجل البقاء فيها.
وقالت شعبان إن قوات حرس إقليم كردستان "البيشمركه" معنيين بالمحافظة على حدود الإقليم، وكذلك في المناطق المتنازع عليها، مبينة أن الحكومة الاتحادية تراها ذريعة لارسال القوات الجيش الى الحدود لتبقى هناك دائما وتتحدى حكومة إقليم كردستان بها.
من جانبه أكد الخبير القانوني طارق حرب، حق القيادة العسكرية الاتحادية بارسال قطعات عسكرية الى أي مكان في أرض الوطن. وقال حرب، اليوم السبت، تعليقاً على اعتراض قوات الاسايش على دخول القوات العراقية غربي الموصل بمحاذاة الحدود السورية العراقية فاننا نقول ان المسائل الامنية في جميع انحاء العراق سواء في الاقليم او المحافظات من الاختصاص الحصري للحكومة الاتحادية في بغداد طبقا لاحكام المادة (110) من الدستور.
وأضاف، بالتالي فإن القيادة العسكرية الاتحادية يمكنها ارسال قطعات عسكرية الى هذه المناطق لاسيما وان الظروف مضطربة بسبب ما يحصل في سوريا علما انه لم يصدر قانون من مجلس النواب يؤكد أن هذه المناطق تعد من المناطق المتنازع عليها.