بعيدآ عن الصخب الاعلامي واجواء الشحن الانفعالي الجماهيري المتأتية من اسباب حقيقية بفعل السياسات الخاطئة التي مارستها النخب السياسية خلال السنوات الماضية والتي كان من المتوقع ان تنتج ماانتجت من سخط وانفجار للغضب الجماهيري .
كثر الحديث في الايام الاخيرة عن ضرورة اصلاح السلطة القضائية وكررت هذة المطالبات في التظاهر .ومع اعتقادي ان القضاة هم بالنهاية بشر اي انهم ليسوا شياطين كما يصفهم البعض وليسوا ملائكة وانما امر بين امرين فهم كماقلت بالنهاية بشر يؤثرون ويتأثرون بالواقع السياسي والاجتماعي
السلطة القضائية في العراق والنظرة لها تطورت من ناحية النصوص القانونية الحاكمة لفعالياتها بعد 9\4\2003 ففي عهد النظام السابق كان هناك مايعرف ب(مجلس العدل )الذي اخضع السلطة القضائية وجعلها جزء من السلطة التنفيذية بموجب القانون رقم 101 لسنة 1977 وحيث ان مجلس العدل كان برئاسة وزير العدل فلنا ان نعرف حجم تبعية السلطة القضائية للسلطة التنفيذية .
بصدور الامر الاداري رقم (35)المؤرخ في 18\9\2003 فقد تم اعادة العمل بمبداء استقلالية السلطة القضائية ويتكون (مجلس القضاء الاعلى) من رئيس محكمة التميز وعضوية نوابة الخمسة ورئيس مجلس شورى الدولة ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي ورؤساء محاكم الاستئناف .
هذة الخطوة جاءت منسجمة مع المعاير الدولية والنظم الديمقراطية التي تدعوا الى استقلالية القضاء وفصل السلطات ومنها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29\تشرين الثاني 1985 وفي ما يتعلق بالامر 35 لعام 2003 فقد جعل المجلس الاعلى للقضاء مسؤولا عن الاشراف على النظام القضائي في العراق ويمارس مهامة بشكل مستقل عن السلطة التنفيذية ووزارة العدل فلة تعين القضاة والترشيح لتولي المناصب القضائية المنصوص عليها في قانوني التنظيم القضائي والادعاء العام ولمجلس القضاء صلاحية ترقية القضاة ونقلهم وانتدابهم وكذا التحقيق في في المخالفات المنسوبة للقضاة والادعاء العام وقد تم فصل ميزانية مجلس القضاء عن السلطة التنفيذية وتم اعطاء السلطة والولاية على موظفي المحاكم بدلآ من وزارة العدل وهذة كلها اجراءات صحيحة لاغبار عليها ويجب ان تستكمل بجعل المعهد القضائي و مديرات التنفيذ ومديرية رعاية القاصرين تحت سلطة مجلس القضاء وكذا الحال في مايتعلق بمجلس شورى الدولة ومحكمتي القضاء الاداري ومحكمة قضاء الموظفين مستقلتان اي لاتتبعان السلطة التنفيذية حتى يتأكد مبداء فصل السلطات
الدستور العراقي النافذ لسنة 2005 ناقش موضوع السلطة القضائية
بوضوح حيث اشارت المادة 87الى ان السلطة القضائية مستقلة الخ
اما المادة 88 فقد اشارت القضاةمستقلون لاسلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولايجوز لأية سلطة التدخل في القضاء او في شؤون العدالة .هاتين المادتين بوجة عام اكدت استقلالية السلطة القضائية وحصنتها من تدخلات السلطة التنفيذية او التشريعية وبعد
ان حددت المادة 89من الدستور مكونات السلطة القضائية حيث اشارت الى مجلس القضاء الاعلى والمحكمة الاتحادية العليا ومحكمةالتميز الاتحادية والادعاء العام وهيئة الاشراف القضائي والمحاكم الاخرى وفق القانون جائت المادة 90 لتشير الى تولي مجلس القضاء الاعلى ادارة شؤون الهيئات القضائية اما المادة 91 من الدستور اشارت الى ان مجلس القضاء الاعلى يتولى ادارة شؤون القضاة والاشراف على القضاء الاتحادي وانة يقوم ايضآ بترشيح رئيس واعضاء محكمة التميز ورئيس الادعاء العام ورئيس هيئة الاشراف القضائي وعرض هذة الترشيحات على البرلمان للموافقة وهذا نوع من
التعاون المطلوب بين السلطات في اطار نظام فصل السلطات اخذت بة الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة في موضوع المحكمة الاتحادية العليا التي تعين قضاتها مدى الحياة وكذالك اخذ بة الدستور الفرنسي في تعين اعضاء المحكمة الدستورية العليا في فرنسا التي تضم اشخاص الرؤساء السابقين اما المواد من 92لغاية 94 فناقشت موضوع المحكمة الاتحادية العليا كتجربة جديدة في البناء الدستوري العراقي اقتضتها طبيعة الدستور القائم على نظام برلماني تعددي فدرالي ويعتبر اقرار نظام المحكمة الاتحادية العليا انجاز حقيقي للتطور
الدستوري في العراق .وبموجب المادة 90 من الدستور ولكون المحكمة الاتحادية اعلى هيئة او تشكيل في الجهاز القضائي فرئيسها يكون رئيس للسلطة القضائية على اعتبار ان مجلس القضاء
الاعلى بموجب المادة 90 هو من يدير شؤون السلطة القضائية
خلاصة القول في القضاء انة بقدر استقلاليتة وحصانة منتسبية فأنة يقع على عاتق القضاء مهمة ايصال الحقوق الى اصحابها والبت بالمنازعات بوازع البحث عن الحقيقة وتحقيق العدالة وحماية الحريات وانصاف الفقراء ولعل هذا الامر اخذت بة المواثيق والشرائع الدولية قبل غيرها حيث جاء في المادة 8من الاعلان العالمي لحقوق الانسان (لكل شخص الحق في ان يلجاء الى المحاكم الوطنية لاءنصافة عن اعمال فيها اعتداء على الحقوق الاساسية التي يمنحها لة القانون )وفي المادة 14 من الاتفاقية الدولية
بشأن الحقوق المدنية والسياسية 1-جميع الاشخاص متساون امام القضاء .. .....ولكل فرد الحق في محاكمة عادلة وعلنية بواسطة محكمة مختصة ومستقلة وحيادية قائمة استنادآ للقانون .من هنا فأن السلطة القضائية وبما تتمتع بة من استقلالية يفضي الى وجوب ان توجه الدعوات الى السلطة القضائية نفسها لتقوم بخطوات اصلاح جدية .
حاولت اعزائي القراء ان ابتعد عن شخصنة موضوع السلطة القضائية قدر الامكان لمعرفتي ان موضوع التركيز على موضوعة السلطة القضائية يحمل ربما في طياتة ريحة ومعالم صراع الكتل التي ترغب في تغير الوجوة لاتغير السياسات عبر ركوب موجة التظاهر ثم ان حصر التظاهرات حول القضاء يضيع الجهد الرئيس المتمثل في تقويم النظام ككل واصلاحة عبر الدخول في معركة جانبية
وشكرآ
مقالات اخرى للكاتب