اشرق صباح عراقي جديد، ويوما لا يختلف عن سابقاته، حيث يبدأ بالخبر العاجل ولا ينتهي بنصب السرادق، وعويل الأيتام. وطن أصبح يباع بالمجان، وشعبا لا ثمن له إلا مترا واحد في وادي السلام، قد أصبحنا غرباء في بيوتنا، ونزلاء في مدننا، ومهجرين في بلدنا، وأمواتا في حياتنا إلى اجل مسمى ننتظر دورنا متى وأين سينتهي بنا الأمر؛ مودعين أزواجنا، وأطفالنا، عند خروجنا من البيوت، ولا تغفل ألسنتنا من قراءة المعوذتين، والفاتحة إلى أم البنين(رض) لتطمئن فيها قلوبنا حتى نرجع بسلام. لا شك إن الأمن اليوم في العراق أصبح من المعجزات الإلف، والذي خرق المألوف وتعدى جميع المستويات العسكرية، والأمنية في العالم، وقد بلغ عدد قواتنا الأمنية قرابة المليون وخمس مائة عنصر امني؛ وهذا العدد الرهيب قياسا بمساحة العراق، وعدد شعبة يعد من الأمور المخيفة. وبالرغم من هذا العدد الهائل في القوات الأمنية، لم يمر يوما على العراق إلا وفيه عشرات الشهداء، والجرحى، وأفواج من اليتامى، والأرامل؛ وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة تطور كبير، وواضح في خطط المجموعات الإرهابية؛ التي أصبحت جميع مناطق البلاد مباحة أمامها، وتضرب في أي وقت تشاء، وهي من يتحكم بزمام الأمور، ويحدد الزمان والمكان لتنفث سمومها في جسد الشعب العراقي. وفي المقابل لم نجد روح الوطنية والتفاني، ولا رؤية سياسية وأمنية واضحة للخروج من السياقات الكلاسيكية، التي تتعامل فيها القوات الأمنية اليوم؛ وان تلك السياقات الكلاسيكية أكل عليها الزمن وشرب، وأضحت لم تجدي نفعا في ظل هكذا تطور للجماعات الإرهابية. فلابد من وقفة حقيقية، وثورة أمنيه شامله لجميع مفاصل ألدوله، التي استشرى فيه الفساد الإداري والمالي، وأصبحت المؤسسات العراقية بما فيها المؤسسة الأمنية شبه مافيات لكثرة الاجرائات القديمة والمعقدة، فالثورة الإدارية هي الحل الأمثل لتنظيم عمل جميع المؤسسات، وبما فيها المؤسسة الأمنية، ولا يمكن لأي عمل يسير بشكل صحيح اذ لم تكن هناك قيادة واضحة لإدارة الأمور. فالتخبط السياسي اليوم والقرارات الارتجالية والمراهقة لدى معظم قادة البلاد، جعلت الأمور تتجه نحو المجهول، وتسير في مسارات مظلمة، وتتعثر في مطبات المصالح الشخصية، والطائفية، والقومية. ولابد من تصحيح تلك الأمور في الانتخابات النيابية القادمة لتحدد مصير البلاد إلى(ربع قرن) وتساهم إسهام كبير بحلحلة الأمور المتعثرة والمتعلقة اليوم بين الحكومة الاتحادية، والحكومات المحلية؛ بسبب غياب الرؤية السياسية، وانشغال ساسة البلاد بالمصالح الشخصية، والحزبية؛ والأمور الجانبية التي جعلت الحكومة المركزية في وادي، والحكومات المحلية في وادي أخر.
مقالات اخرى للكاتب