تقول الاخبار ان اكثر من هزة ارضية حصلت في بغداد وعدد من المدن الاخرى، وان مواطنين شعروا بها، واخرين زايدوا على انها اوقعت حتى اغراضهم من الدولاب! وخلال ساعات قليلة، فانه لاصوت يعلو على صوت الهزة الى الحد الذي ابعد الناس -ولو قليلا- عن مأساة غرق بيوتهم وشوارعهم ومدارسهم، زميل لي كتب في صحفته الفيس بوكية( بغداد تتعرض لهزة .. اذن هي جميلة) ووضع تحتها صورة (رقاصة بترقص)!!...
الهزة الارضية هذه المرة من السماء ولادخل لاح بها برغم محاولات البعض الصاقها بدواعي تحذير السماء للناس فيما لو تراجعوا عن منح اصواتهم لكتلة سياسية بعينها!
حديث الهزة هزهز مشاعري، انا ايضا، وانا بطريقي للعمل حيث استقل (برلمان الكيا) اذ سمعت حديث عال يدور بين امرأتين تقول الاولى:" يقولون ان الهزة وقعت بسبب تخسف كبير في الارض، يعني الارض خاسفة في مكان ما، ولازم يعالجون الخسفة!"، لم استطلع ردة فعل صديقتها او حتى معالم وجهها لكني لمست انها حتما ستربط بين خسفات شوارع بغداد وبين خسفة الكرة الارضية بحالها من القطب المنجمد الشمالي الى المحيط الاطلسي! امانة بغداد التي تعرضت لانتقادات كثيرة بسبب "صخرة عبعوب" اطمانت هذه المرة على امل ان ينشغل الناس عنها ويتجهوا الى السماء التي ليس بوسع احد انتقادها! كونها بفعل الرب وليس لاهمالهم وصخورهم دخل فيها! راكب اخر راح يستذكر برنامج العلم للجميع ومقدمه كامل الدباغ ويقول بلغة متحسرة:" لو الدباغ بعده عايش جان افتهمنا شنو القصة"
في أول وأخر سفرة لي الى مدينة المتاحف روما العظيمة قبل سنتين تقريباً، وفرتها لي ولزملائي من ابناء الصحافة، احدى منظمات المجتمع المدني بالتعاون مع وزارة الخارجية العراقية، اخذتنا فيها منسقة البرنامج في احدى الجولات الى دائرة وحدة الازمات في مقر وزارة الخارجية الايطالية، وكان بأستقبالنا انطنيو كاليوس، مدير الوحدة الذي بدا مسرفاً بأناقته ومن معه من موظفين، وراح يشرح مهام الوحدة التي تتولى اتخاذ التدابير اللازمة والسريعة لمعالجة اي ازمة تحصل في العالم، من فيضانات او زلازل او حرائق او عمليات ارهاب او غيرها.. يقول ان عددهم 30 شخصا فقط، مجهزين باحدث طرق الاتصالات الحديثة وابراج المعلوماتية والرصد الجوي، وتنسيق مع كل مفاصل الدولة لاجل التدخل السريع لانقاذ المواقف الصعبة التي يمر بها اي بلد في العالم، والاهم من ذلك هو نشاطهم في ميدان الوقاية من الحوادث الطبيعية او البشرية عبر برنامج مراقبة دقيق.. ورحت اسأل نفسي، ماذا لو كان لدينا خلية ازمات، ونحن بلد الازمات، حتى اننا لو قمنا بتصديرها لاصبحنا اغنى دولة في العالم ازماتياً، وماذا لو سعت مؤسساتنا بأتخاذ تدابير الوقاية قبل اي عارض حتى نأمن تبعاته؟ بدلا من طريقة الفزعة والتدخل الفوضوي الذي يخرب احياناً اكثر مما يعمر؟ كل هزة ارضية وانتم والمرحوم كامل الدباغ بخير.
مقالات اخرى للكاتب