تصاعد التذمر و الشکوى و الاستياء من تصرفات و ممارسات نوري المالکي، نائب رئيس الجمهورية الحالي، والذي يتجاوز الحدود و الصلاحيات الفخرية لمنصبه و يسعى لفرض نفسه کأحد مراکز القوى الرئيسية و الاساسية، بالاضافة الى مايقوم به من أمور أخرى تصب بإتجاه إيجاد و خلق العراقيل و العقبات أمام حکومة حيدر العبادي، لايمکن أن تکون مجرد أمور إعتيادية و طبيعية بل وانه يمکن حملها على أکثر من محمل سوء.
إزدياد الدعوات المتباينة التي تطالب بمحاکمة و محاسبة المسؤولين عن عهد المالکي الذي إستغرق 8 أعوام خصوصا وان العديد من تلك الدعوات ترکز على محاکمة المالکي نفسه بإعتباره المسؤول الرئيسي و المباشر عن تفاقم و تدهور الاوضاع و وصولها الى هذا المفترق الخطير، ومع الاشارة الى ان عمليات المحاسبة و التقصي و حتى الاقصاء و الابعاد لرجال عهد المالکي جارية على قدم و ساق، فإنه في نفس الوقت فإن المالکي بدوره لم يقف صامتا بوجه هذه الحملة و سعى و يسعى ليس للوقوف بوجهها فقط وانما حتى إفراغها و إبطالها من الاساس، خصوصا عندما يقوم بإستخدام نفوذه في القضاء العراقي(کما تؤکد العديد من المصادر العراقية المطلعة)، لإبطال و تفنيد التهم الموجهة للمسؤولين في عهده.
العلاقة الوثيقة التي ربطت على الدوام بين نوري المالکي و بين مدحت المحمود رئيس مجلس القضاء الاعلى في العراق و التي تعود جذورها الى الفبرکة القانونية التي قام بها من أجل إعادة المالکي لولاية ثانية على الرغم من خسارته في الانتخابات، کانت هذه العلاقة دائما موضع شك و تساؤل خصوصا وان هناك الکثير من المآخذ على تسييس القضاء العراقي و الذي يتعلق بالاساس بالروابط القوية التي جمعت المحمود و المالکي ضد خصوم الاخير، وإذا ماعلمنا بأن المحمود مرغوب و مدعوم أيضا من جانب طهران، فإن الموضوع يکتسب معنى و إتجاها خاصا.
المالکي الذي إرتکب أخطائا فاحشة ضد المخالفين له و ضد خصومه السياسيين و إنتهج کل الاساليب و الطرق المتاحة أمامه من دون أن يأبه او يکترث لأي شئ، لکن و في مقابل ذلك، وامام الکم الهائل من الخصوم ومن الاخطاء الکبيرة و الفساد الذي إستشرى في مختلف مفاصل الدولة و مرافقها الحساسة، فقد صار هناك إجماع عراقي على عدم السماح له لکي يبقى لولاية ثالثة ولم تنفع مختلف المحاولات و الجهود التي بذلتها طهران بهذا الخصوص، لکن وازاء إجباره على التنحي و الذي کان بمثابة إجبار طهران أن تجترع کأس سم هزيمة سياسية نکراء، فإن تقبلها للهزيمة کان مشروطا بإبقاء المالکي خارج دائرة المسائلة و المحاسبة، لکن المشکلة تکمن في أن محاسبة المسؤولين في عهده ستؤدي تلقائيا الى محاسبته لأنه کان اساس کل المشاکل و الازمات التي حلت بالعراق، ولذلك فإنه يعرف و يعي ذلك جيدا ولهذا يبذل کل مابوسعه من أجل الحيلولة دون ذلك.
مايقوم به المالکي لايمکن أبدا عزله عن دائرة نفوذ النظام الايراني في العراق، لأنه بالاساس قد عمل من أجل دعم و تقوية و ترسيخ ذلك النفوذ الذي هو جوهر البلاء و اساس المشاکل و الازمات في العراق، وان من المهم جدا ان يتم العمل من أجل إنهاء نفوذ المالکي في مختلف الوزارات و في السلطة القضائية، لأن أي جهد للإصلاح او القضاء على الفساد او إجتثاثه سوف لن يکتب له إذ تبقى الاوساط التابعة للمالکي تعمل بصورة مضادة ضد کل جهد للقضاء على الفساد، وان الخطوة الاولى تکمن في ضرورة و أهمية إنهاء نفوذ المالکي في السلطة القضائية و التي يمکن إختصارها في إبعاد مدحت المحمود من منصبه لأنه يمثل مخلبا للمالکي وان التحرك العملي المفيد بهذا السياق کفيل بإنهاء دور المالکي کسيف ديموقليس المسلط على العراقيين و يتيح المجال لمحاسبته و مسائلته عن کل ماقد إرتکبه من أخطاء و جرائم و مساوئ.
مقالات اخرى للكاتب