أرادوا ان يكونوا اذلاء ..بل لقد اشتروا المال بشرفهم ووطنهم .. باعوا الشرف والوطن والتاريخ والحاضر ومستقبل الجيل القادم .. وإلا بماذا أفسر ما ال اليه جيش قارب عمره مائة عام ، وفشل ذلك الجيش في مواجهة عصابة من شذاذ الافاق ولم يستطع ان يحافظ على امن ارضه وان يمسك أرضا سالت دماء جنوده عليها ليوم واحد رغم ما استنزف من أموال لا طائل لها ...؟! سوف تقولون انه غياب الدولة وغياب او غباء قيادتها ..!! لماذا رضوا هؤلاء الضباط الكبار ان يبيعوا شرفهم العسكري والسكوت على تلك المهزلة التي تسمى جيشا ؟! سوف ينبري البعض ويقول : لا تشتم جيش العراق !! اي جيش هذا الذي لا يأتمر المادون باوامر ألما فوق ، بل يسخر منه ويتجاوز عليه بدون ان تكون لذلك الفوق سلطة عليه؟! وأي جيش هذا الذي يفتقد الى ابسط متطلبات البناء والتنظيم والتحصين والمعسكرات والتسليح وتسود فيه روح السرقة والكذب والحذلقة والتزلف ؟!
ان الذي يستمع ويراقب ما تفوه به قائد كبير هو الجنرال مهدي الغراوي وتلك الذلة التي كست ملامحه وطريقة كلامه تضع علامات استفهام كبيرة حول ما يسمى الجيش والقيادة والدولة برمتها ..
مُذ كنا صغارا كنت اسمع من خلال المذياع تحذيرات الجيش للمدنيين من الاقتراب من الاقتراب من مناطق تجري بها التمارين التعبوية السنوية وبالذخيرة الحية .. وفي ذلك العمر كانت كلمة ( الفرضية) تصيبنا بالجزع والقنوط حيث تقطع إجازات آباؤنا واخواننا الجنود بسبب تلك ( الفرضيات!!) والتي تعني التمارين التعبوية السنوية التي يمارسها الجيش العراقي ..!! ومنذ الاحتلال البغيض عام 2003 لم نسمع يوما ان تشكيل عسكري واحد مارس تلك الفرضية .عام 1975 ..كانت مدرسة الطبابة العسكرية هي محطتي الاولى لأداء الخدمة العسكرية الالزامية.. هناك تعلمت الضبط والتحمل .. عرفت ما هو الجيش .. درسنا الجغرافية العسكرية، التحصين، الادارة ، الانضباط ، كلمة سيدي، التخطيط ، مية الارض واستغلال الفوز !!! عرفنا الاستخبارات العسكرية وكيفية جمع المعلومات وتصنيفها والتعامل معها ... كنا أطباء وامتلكنا ( شيئا) من العلوم العسكرية التي تؤهلنا لكي نصير ضباطا ...
في تموز 1980 كانت دورتنا ( 26) قد استدعيت لخدمة الاحتياط لمدة خمسا واربعين يوما ، و ( بالشيفرة) للمرة الاولى في تاريخ دعوات الاحتياط في الجيش العراقي ..
كنت احمل رتبة ملازم ثاني وقد نسبت الى كتيبة مقاومة الطائرات ( شينكا) التابعة الى اللواء المدرع العاشر والذي كان يمارس تمرينه ( فرضيته) السنوي في النباعي .!!
كان تمرين الكتيبة يتضمن كيفية الدفاع عن مدينة ( بعقوبة) ضد عدوان خارجي تنفذه ثمانين طائرة فانتوم ..!!
عرفت انذاك انه توجد ( خطط) دفاع عن كل مدينة في العراق تتعرض فيه الى عدوان خارجي ، وان كل واحدة من تلك الخطط تعاد مناقشتها وتعديلها بصورة دورية تبعا لما تفرزه الظروف ثم تُمارس فعليا في التمارين ( الفرضيات) التعبوية السنوية !!! وان تلك الخطط تحفظ في مجلدات خاصة بها وبالارقام ..
لم أقاتل لكنني كنت ضابط احتياط طبيب لمدة تسعة أعوام عرفت خلالها ما هو الجيش ..اما ان يكن لدينا حيش لا يستطيع ان يحمي ناحية صغيرة كالضلوعية ولا يستطيع ان يدخل قضاء كالفلوجة !! جيش يمتلك فيه قائد جميع صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة ولا يقدر ان يحرك فوجا ويرفض امر ذلك الفوج تنفيذ الامر الصادر اليه .. ( كما ذكر الجنرال مهدي الغراوي) .. جيش يقبع خيرة قادته السابقون في السجون بانتظار تنفيذ حكم الإعدام بهم ويهرب او يقبع في بيوتهم القادة والضباط الآخرون في بيوتهم لا لسبب سوى انهم كانوا ينفذون بانضباط أوامر قيادتهم ... !! ويسمى هذا جيش العراق ؟! لا اعلق على ذلك واترك التعليق لكم والأقدار ان ترينا ما سوف يحل بنا ان بقت الأوضاع المزرية التي نمر بها الان كما هي..!!
مقالات اخرى للكاتب