دوامة إعلامية نمر بها في كل بطولة تخوضها الكرة العراقية، افتقدت للشجاعة في تشخيص الخلل في مسيرة منتخبنا الوطني، فنحن نرفع ونكبس في التحليلات لأداء المنتخب بصورة عامة كمجموعة، وبصورة فردية على مستوى الأفراد حسب نتائج المنتخب، فنحن نرفع عندما يفوز المنتخب، ونكيل المديح لهذا الفوز، كلاعبين ومدرب، ولا نتطرق إلى السلبيات خوفاً على معنويات اللاعبين أثناء خوضه المنافسات، ونكيل المديح للاعب الذي يؤدي بصورة جيدة في مباراة ما، أو يسجل هدفاً ما، وهذه الدوامة من الرفع والكبس والتذبذب في التقييم، تكاد تشبه حال لاعبنا الكبير يونس محمود، حيث قدم أداء كبيراً في مباراتنا مع إيران، ولكنه أخفق لدرجة غير مقبولة ومتوقعة مع اليابان وكوريا الجنوبية، ولكن مع كل هذه الدوامة التي اجتاحت وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة، والأوساط الفنية التحليلية، لم نجد من بينها من يؤشر على السلبيات المزمنة في مشوار المنتخب، والأسباب كثيرة، لا نود التطرق لها لأنها لا تعنينا في هذا المقال.
فما قدمه المنتخب العراقي في منافسات كأس آسيا لا يختلف كثيراً عن ما قدمه في كأس الخليج 22، وخير دليل هو أن العراق فاز على الأردن بنتيجة 1-0 من خلال مجهود فردي للاعب العراقي المغترب ياسر قاسم، فلولا هذا الهدف لخرج العراق من الدور الأول حاله حال المنتخب الفلسطيني.
والمنتخب العراقي يعاني كثيراً من الاستقرار على التشكيل، وهذا خلل كبير لابد من التخلص منه بأسرع وقت، والسبب حسب تحليلنا ليس بسبب تعدد المدربين كما يصرح الإعلام بذلك، بل هو بسبب العلاقات والمزاجية، حيث لا يتم الاستدعاء على أساس ما يقدمه اللاعب من أداء، بل الاستدعاء فيه الكثير من المجاملات على حساب الكفاءة، وهذا ينطبق على النزول إلى الملعب كلاعب أساسي أيضاً، وهذه الطريقة المستهجنة في الاختيار تسبب الإحباط لبعض اللاعبين، وتفقدهم ثقتهم بأنفسهم، ففي مباراتنا مع إيران لا بأس في إشراك يونس محمود، وعلاء عبد الزهرة بسبب بطء المنتخب الإيراني في التحضير ونقل الكرات، وعدم سرعة لاعبيه في الانقضاض على حامل الكرة، مما يوفر فرصة التحرك والتعامل مع الكرات من قبل اللاعبين الكبار في السن من ذوي الخبرة، ومن هذا المنطلق فان المدرب راضي شنيشل أخطأ في إشراك يونس محمود وعلاء عبد الزهرة كلاعبين أساسيين في مبارتي اليابان وكوريا الجنوبية، لأن هذه الفرق تنتهج أسلوب اللعب السريع، والانقضاض السريع على حامل الكرة، وأخطأ في عملية تعويض ياسر قاسم في مباراتنا مع كوريا الجنوبية حيث لا يجيد مهام هذا اللاعب كلاعب ارتكاز مهاري وصانع لعب في المنتخب سوى اللاعب مهدي كامل الذي لم يمنح الفرصة الحقيقية في البطولة وهو أكفأ من جميع لاعبي الوسط العراقيين حاليا بعد ياسر قاسم، حيث يمتلك هذا اللاعب مواصفات كثيرة، منها حسن استقبال الكرة، ومهارة فنية عالية، وتمريرات ذكية، ومتقنه، وشغل المساحات المهمة في ساحة الفريق الخصم، وثقة عالية جداً بالنفس، ولا يصيبه الخوف والارتباك مع أي فريق نلتقي به مهما كان شأنه، وكان على راضي شنيشل في المباراة السريعة التي خضناها مع اليابان وكوريا الجنوبية، أن يتخلى عن عبد الزهرة ويونس وإشراك بدلاً منهم جيستن مرام ومروان حسين، ولماذا لم يفكر السيد راضي شنيشل اللعب بياسر قاسم ومهدي كامل في وسط الملعب، مع إعطاء فرص لتقدم ياسر قاسم إلى الأمام كونه لاعب مهاري وقوي! ولكن لم يكن شجاعاً كشجاعة زيكو عندما لعب مع اليابان في اليابان في تصفيات كأس آسيا، حيث أشرك كل اللاعبين الشباب، وتخلى عن الكبار في العمر، وقدموا مباراة فنية وتكتيكية أحرجوا فيها المنتخب الياباني في معظم أوقات المباراة، وكادوا أن يخرجوا بنتيجة كبيرة لولا تسرعهم في إنهاء الهجمات الكثيرة والفاعلة، وليس كما حدث في لقاء منتخبنا معهم في كأس آسيا الجاري حالياً في استراليا، حيث قدموا أداءً هزيلاً وفقيراً، وكان علينا الاستمرار بنفس شجاعة زيكو ومنح الفرصة الحقيقية لأولائك الشباب والاستقرار على تشكيلهم، والفرصة لا تزال سانحة في هذا الاتجاه، وأتمنى أن يكون سبب أخطاء شنيشل قصر الفترة الزمنية للإعداد، وعلينا أن نكون شجعانا، ونبدأ في التحضير لتصفيات كأس العالم من خلال استبعاد كل اللاعبين الكبار مع جل احترامنا وتقديرنا للخدمات التي قدموها لبلدهم في المرحلة الماضية، وهم كل من اللاعب الكبير يونس محمود، وعلاء عبد الزهرة، وسلام شاكر، وأحمد إبراهيم، والاكتفاء بالباقين مع ضم كل من سيف سلمان، ومهند عبد الرحيم.
مقالات اخرى للكاتب