بلا مقدمات، وبكلمة واحدة، المسلمون بحاجة إلى ثورة من اجل الإسلام، لنفضه وتنظيفه مما علق به وشوهه.. وبدءا بالعراق الذي وضعته الأقدار إزاء الامتحان والمواجهة.. فالإسلام ومثل الأديان الأخرى، بل ومثل التيارات والفلسفات والأيديولوجيات عرضة للدس والتشويه والتقويل، أو الاجتهاد الخاطئ والمقحم، والأكيد أن الإسلام هو الأكثر عرضة للافتراءات والتشويهات والاجتهادات المتباينة وتنوع المتضررين منه وتباين الأقوام التي توجه إليها وما يسبغونه عليه من طبائعهم ونظراتهم ومفاهيمهم.. فقيل إن الدين الواحد يتلون بألوان الشعوب والأقوام فكانت هناك مسيحية أوربية وأخرى افريقية وثالثة أوربية ورابعة عربية, وكذا الإسلام وما أسبغت عليه الثقافات المختلفة من عندياتها، وكان من بين الإضافات ما كان دخيلا عليه وشوهه، وقد تراكمت الأتربة والسموم والافتراءات على الإسلام وبنفس الوقت تأخرت ثورته ولم ينتفض كثيرا, ويبدو أن الأمر قد بلغ منتهاه وليس له غير أن يثور ويعيد معرفة نفسه ويقرأ بوعي تاريخه وينبذ ما لا ينسجم ولا يتوافق مع رسالته ومع العقل والمنطق والوقت...
السؤال المخيف، انه إذا كانت الأقدار قد وضعت مهمة الثورة بالعراقيين... كيف يثورون وثلثهم يعانون من الأمية وما تعنيه من تضاؤل حجم المثقفين وتأثيرهم, ثم حجم وحضور النخبة؟؟؟ إنهم لا في الهامش بل على هامش الهامش معنويا وماديا، إنهم في قعر المجتمع وفي قبضة الأميين والسوقيين.. فمن أين تنبثق الثورة؟؟ ومن هو المهيأ لطرح الأسئلة ويجيد زعزعة اليقينيات الساذجة, ويبرع في طرح الشك الخلاق؟؟
الدين لا يبقى دينا عندما يمتهن السياسة.. كما لا يبقى الوضوء بعد دخول الحانة واحتساء الخمرة.. ولكن السياسي الذي امتلك جنة الأرض وحاز على ما يريد لا تراوده حتى خيالات الثورة على دين وفر له كل الذي هو فيه... ولهذا يتشاءم المتشائمون ويرون أن المأساة قادمة لا محال.. وان البرنامج المرسوم في غاية الإحكام ويقنع كل أطراف الطمع والجشع بصوابه وشرعيته وحتمية انتصاره النهائي.. فما الحل؟؟
إن طغيان صوت الغوغاء واخذ النزوات طريقها للتجلي وممارسة نفسها وبلوغ الضجيج والصخب والفساد والنهب غاياته القياسية يقول إن بعد الضيق فرج، وان للجدل مساره، فأي السياسيين سمع بالجدل وبهيجل وماركس وبقية الكفار؟
مقالات اخرى للكاتب