ومن عظمة القرآن هو أنه جاء بلغة تحتمل التأويل ، ومن عظمته ـ لمن آمن به واعتقد باعجازه ـ انه يتجدد دائما ، ولا ينغلق ، ولايحتاج لعبد القاهر الجرجاني أو غيره ، لكي يغلقه ويسد منافذ الدخول الى غايته ، ولعل فقهاء اللغة بذلوا جهداً جباراً في التملق للخلفاء لجعل القرآن حاميا لسياستهم ؛ وماداموا قد وظفوا القرآن للسلطة ، وأخذوا يعدون مااستطاعوا من قوة ورباط الخيل ليرهبوا عدو الله وعدو الخليفة راشديا كان أم أموياً ، او عباسيا ، او عثمانيا ... فعليهم ان يتقبلوا معنى هذه الآية الكريمة ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ﴾ [سورة المائدة الآية:15] والآية الكريمة ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [سورة المائدة الآية:68] يميل اغلب المفسرين من رجال دين ووعاظ سلاطين الى ان الخطاب موجه الى المسيحيين ؛ وحين نرى ورود التوراة والانجيل في نص قرآني وهو كتاب أيضا ، نتوصل الى ان اهل الكتاب ليس المسيحيين ولا اليهود ، فالآية تدعوهم بصفتهم أهل كتب !! التوراة والانجيل ، ثم يأتي الخطاب من القرآن !! فمن هم أهل الكتاب ؟
لو عدنا الى معركة صفين ورأينا كيف حمل اصحاب معاوية (القرآن) لكي ينجيهم من الموت المحقق بعد هزيمتهم امام جيش علي بن ابي طالب نجد ملمحاً خطيرا من ملامح أهل الكتاب ، ولو اتفقنا على وجود وهب النصراني في جيش الامام الحسين لأدركنا بأن جماعة الحسين أهل كتب !! وخصومهم أهل كتاب ..
ومايجري في العراق اليوم من تهجير وقتل للمسيح والايزيدين والشيعة ، نرى داعش واخواتها من اهل الكتاب والضحايا أهل كتب ، فللمسيح كتب عدة وليس كتابا واحدا وللشيعة غير المغلقين كتب عدة ، وللازيديين أيضا . ومن سقطوا في سبايكر والضلوعية والصقلاوية هم أهل كتب ، وقتلتُهم أهلُ كتابٍ فسروه حسب أهوائهم وخدعوا الناس به .
من هنا نعرف ان الدولة الاموية هي من أهل الكتاب ومن سار على نهجها ، الى ان وصلنا الى داعش هم أهل الكتاب . فلعن الله اهل الكتاب ومن وظف القرآن لسلطتهم وخدع الناس بهم .