يذكرني موقف الوليد بن طلال حول إستعداد (السنة) للتعاون مع إسرائيل إذا تطلب الأمر للقضاء على إيران بموقف الملك السعودي الراحل فيصل الذي قيل أنه كان طلب من الرئيس الأمريكي جونسن قبل نكسة الخامس من حزيران عام 1967 أن تقوم أمريكا بضرب عبدالناصر وتأديبه لأنه أصبح مصدر خطر حقيقي على الجميع. وفعلا فإن عدوان الخامس من حزيران لم يكن جاء بمنأى عن مباركة الحكم السعودي مع آخرين كانوا يتصورون أن شخصية عبدالناصر يجب كبحها باية وسيلة, ولم تكن هناك وسيلة مؤهلة حينها أكثر من إسرائيل.
يومها كان الصراع في اليمن على أشده. عبدالناصر يدعم السلال الذي ثار على حكم الإمامة ممثلا بالإمام بدر. هنا لا بد من وقفة ضرورية فأنا أعتبر ما كان يحدث أنذاك على صعيد التحالفات من الأمور التي علينا أن نعود إليها بإستمرار لكي نتأكد أن قضية الشيعة والسنة ما هي إلا جزء من لعبة صراع بات يتقنها الحكام من أجل مصالحهم الخاصة, وكذلك هي كانت منذ أول بداياتها. لاحظوا أن السعودية (السنية) وقفت إلى جانب الإمام بدر ( زيدي شيعي) ضد السلال (سني), ثم أنها وقفت ضد عبدالناصر (السني) ايضا بعد أن حارب حليفها الزيدي الشيعي.
إيران على الجهة الأخرى تلعب نفس الدور. الشاه الشيعي وقف مع إسرائيل ضد العرب وضد عبدالناصر. ما أريد أن أقوله أن الأنظمة غالبا ما تسثمر ما تحت اليد لصالحها فتنفخ فيه الروح أو تأخذها منه, وإن حديث الحكام على إختلافهم بإسم الشيعة أو السنة هو أمر مضلل ولا صدق فيه على الإطلاق.
هذا يأخذني إلى التالي.. البعض من أخوتنا الناشطين على الفيسبوك ذهب بدون أي تعليق لكي ينشر حديث الوليد بن طلال ذلك الذي راح يتحدث فيه وكأنه نائب عن السنة جميعا, والهدف ليس الهجوم على الوليد بن طلال ولكن الهدف هو السنة كما يبدو من طريقة النشر, والمسألة هنا لا تختلف البتة عن موقف أولئك الذين لا يفرقون بين موقف إيران وعلاقة ذلك الموقف بعموم الشيعة فيذهبون إلى نشر مواضيع توحي بترابط الموقفين وكأنهم يؤكدون على عدم جواز الفصل بينهما.
إن أنظمة كثيرة وكذلك أحزاب وشخصيات إسلاموية وغير إسلاموية باتت ترى في لعبة الطوائف لعبة مفضلة, فهذا يمثل السنة وهذا يمثل الشيعة, أما نحن فإن علينا أن نعلم أن التعاون مع إسرائيل لا يشترط أن يكون المرء شيعيا أو سنيا وإنما يشترط تداخل مصالح. مثلما علينا أن لا ننساق للمخططات الرامية لإستعمالنا كحطب في موقد الطوائف من أجل أن يتدفأ الأشرار بنيران إحتراقاتنا.
مقالات اخرى للكاتب