كل الدلائل والمؤشرات والتحليلات تؤكد ان موازنة 2016 لا تختلف عن موازنة العام الحالي، بل انها ستكون اسوأ واشد ضائقة على المواطنين ان لم نقل ضرراً، الامر الرئيس ان النفط سيكون المورد المالي الذي تعتمد عليه الموازنة ولا يلوح في الافق تحسن مؤثر في اسعاره، وربما تتدهور اكثر مما هي عليه، وليس بالامكان تنفيذ افكار تغيير من التناسب بينه وبين القطاعات الاقتصادية الاخرى، فاي مسعى في هذا الاتجاه يحتاج الى وقت ليكون ملموساً ويقلص من ميلان كفة المعادلة الى النفط.
هذه حقيقية لا جدال فيها، ولكن يمكن للحكومة بمعناها الواسع، والدولة ان تخفف الألم الذي يعانيه المواطن جراء السياسات الخاطئة والهدر والفساد الموروث من الحكومة السابقة ومايزال يفعل مفاعيله في الاقتصاد الوطني والحياة اليومية.
على المواطنين ان لا يبنوا امالاً على موازنة العام المقبل في ايجاد فرص عمل جديدة وحقيقية والتوسع في تقديم المنافع الاجتماعية، بل ستحقق الحكومة نجاحاً ان حافظت على ما هو موجود ولم تقلصها وتنخر جيوب المواطنين بضرائب جديدة. باتت ضرورية قبل ان يرهن البلد كله ولاجيال مقبلة للمؤسسات المالية الدولية والبلدان الاجنبية المتحفزة لاستنزاف الموارد.
بادىء ذي بدء لابد من التركيز على القطاع الخاص الوطني وتشجعيه على الاستثمار في البلاد، وهو لن يقدم على ذلك ما لم ير ويلمس ان الحكومة جادة فعلاً في تنشيط شركات قطاع الدولة واعادة تأهيلها وجعلها تعمل على وفق نظام السوق، أي على اساس الربح والخسارة وتجاوز سلبياتها وغلق ابواب الهدر فيها، وحماية منتجاتها، وهذه الامور وغيرها ستحفز القطاع الخاص على الشراكة وبناء المشاريع الخاصة والمختلطة مادام يضمن الربح والحماية لمنتجاته من سياسة الاغراق المدمرة والاستيراد العشوائي غير المسهم في الانتاج.
عدا هذا وذاك ليست هناك من ثقة بالحكومة ناس ورأسمال ومنتجين ما لم تقلص العجز في الموازنة ليس عن طريق الاقتراض، وانما باسترجاع الاموال المهوبة والمسلوبة ومحاسبة حيتان الفساد وزجهم في اقفاص القضاء، والحد من الهدر والبيروقراطية والمحاصصة وغيرها من القضايا التي تشكل منابع للفساد واثراء له.
المبالغ التي نهبها الفاسدون كبيرة جداً واستردادها يغني الحكومة عن الاقتراض الكبير لسد عجز الموازنة ويمنحها شيئاً من الجدية في نظر العراقيين والاجانب والمؤسسات المالية، وبالتالي ستتمكن من الاقتراض بشروط ميسرة، الى جانب انها تشجع المدخر المحلي على الثقة بالبنوك وبما تصدره من سندات تستطيع الايفاء بالتزاماتها .
ان التوجه نحو تفعيل الموارد المحلية والانشطة الاقتصادية هو السبيل لتجاوز الازمة على المدى الطويل وبناء اقتصاد وطني لا يتأثر بالازمات ولا يكون وحيد الجانب ويعزز القرار السيادي المستقل.
مقالات اخرى للكاتب