قيل سابقاً ان الغاية تبرر الوسيلة ، وعندما يكون لك هدف تروم الوصول اليه يضن البعض ان من حقه سلوك كل الطرق والتحالف حتى مع الشيطان لتحقيقه ، وهذا ما تستعمله بعض القوى السياسية والقيادات في المشهد السياسي العراقي وهي تخوض المارثون الانتخابي القريب جداً من خط النهاية.
فتجد القوى الحاكمة على مستوى المركز او المحافظة تسخر كل إمكانيات ومقدرات الدولة والمال العام لخدمة حملاتها الإعلامية الترويجية وإقناع الناخب بها وتقديم كل الوعود بتحقيق أمنيات وانجازات هي خارج منطقة صلاحياتهم في مجالس المحافظات ، لذلك نجد وفي هذا السباق المحموم تستخدم سيارات الدولة الرسمية والخدمية وبشكل مسخره على مدار الساعة لنقل وتنصيب وصيانة اللافتات الإعلانية للمرشحين ممن يشغلون المناصب السياسية والإدارية في الحكومات المحلية ، فالمراقب للوضع عن كثب والمتتبع للانتهاكات الصريحة لقانون المفوضية يجد ان المقار والمؤسسات الحكومة تحولت الى حواضن وصالات تحتضن التجمعات الجماهيرية لأغراض انتخابية ودعائية للمرشحين والقوائم الخاصة بالمسؤول "س" أو "ص" .
فكيف يُفسر دعوات شرائح الموظفين والطلبة والأسرة التعليمية لاجتماعات رسمية وتحت تسميات خدمية لتتحول الى دعاية وتعريف بالمرشح وتقديم الهدايا والموبايلات والحاسبات ووعود بتخصيص أراضي وشقق سكنية في حال الفوز والظفر بالمناصب المهمة ، كما ان المؤسسة العسكرية التي يحاول الكثيرين استغلالها والاستفادة من كوادرها البشرية الكبيرة التي تجاوزت المليون وثلاثمئة الف عنصر والمنتشرة في محافظات العراق ، تعاني من الخروقات الانتخابية والاستغلالات السياسية التي تبعدها عن مهنيتها وحياديتها في القضايا الحساسة لذلك تشهد هذه الايام ومن خلال رسائل غير مباشرة وتهديدات مبطنة لضباطها وعناصرها بضرورة انتخاب قوائم محددة وحصر النتائج فيها وألا تكون العقوبة تنقلات صارمة وعزل من المناصب ، لذلك أخذت هذه الإجراءات صداها وتأثيرها في الأوساط الأمنية خصوصاً اذا علمنا ان الكثير من قياداتها هي قيادات بالوكالة وبالتالي فأن تنحيتها من الامور السهلة وضمن صلاحيات القائد العام للقوات المسلحة.
وفي ظل هذه الجعجعة نجد ان فاعلية وتحرك المفوضية العليا للانتخابات ما زال دون المستوى المطلوب وخجل احياناً وقد يخضع في بعض الحالات الى ضغوط لذلك تحتاج المفوضية ان تكون اكثر صرامة وتطبيق للمحاسبة والرصد وتشخيص الخروقات وردع المتجاوزين على القوانين للوصول الى تجربة تتميز بمستوى مقبول من الشفافية.
أن المسيرة الديمقراطية العراقية تعاني من مطبات وخروقات كبيرة وما زالت الأكثرية السياسية تؤمن وتسعى الى جعل الديمقراطية العراقية على مقاسها لتناسبها ولا تسمح بخروجها من سيطرتها حتى لو اضطرت للتخلي عن مبادئ وقيم أمنت بها سابقاً وقاتلت وضحت من اجل إرسائها.
لقد تحدثنا كثيراً وتحدث الاخرون ممن أحبوا العراق ويأملون له الخير في ان من أمن بالعراق ومسيرته وحرص على أجراء الانتخابات التي تمثل جوهر وقمة العملية الديمقراطية ، عليه ان يتخلى ويتجرد من حب الأنا ويعترف ان مصلحة العراق وشعبه أولى واهم من مصالح حزبية ومكاسب سياسية ضيقة سيتكفل الزمان ومتغيراته من حذفها خارج أسوار التأريخ الناصع لهذا البلد الذي لا ينسى من خدمه ولا يغفر لمن أساء له وسرق خيراته وتاجر بمصيره ومقدراته.
مقالات اخرى للكاتب