فرضت مجزرة الموصل نفسها على نشرات الاخبار وكتبت عنها تقارير كثيرة وصدرت بيانات عديدة عنها على الرغم من الصمت في الايام الاولى لوقوعها.
البيانات تضاربت في رواية ما حدث لكنها اكدت حقيقة واحدة هول الكارثة التي حلت بالمدنيين.. قوات التحالفات حين وجه الاتهام اليها ردت فوراً ان طائراتها تقصف اهدافاً تحددها العمليات المشتركة على الارض اما بيان العمليات المشتركة حاول ان يلف ويدور الا انه اضطر على ايراد رواية بان البيت المدمر كان جراء انفجار سيارة وتم اخلاء 61 جثة منه، الا ان معلومات اخرى مفادها ان 136 مدنياً قتلوا، اياً كان الرقم فالعدد كبير وهو يدل على اهمال فادح، وهناك اعتقاد لدى الرأي العام على نطاق واسع ان هؤلاء الضحايا لا مبرر لوقوعهم .. والقوات العسكرية ذاتها شعرت بالحراجة واوقفت عملياتها مؤقتاً وأجرت تعديلاً في خططها وقواعد الاشتباك، وهو ما يشكل اعترافاً ضمنياً بان اخطاء قد وقعت ما كان لها ضرورة ان تقع ..
البعض قارن بين صنوف القوات المسلحة المشاركة في العمليات، فقد اشاد اهالي من الموصل باداء وخبرة ومهنية واحترافية جهاز مكافحة الارهاب وصرامة التزامه بالخطط الحكومية وقواعد الاشتباك التي نصت على الحفاظ على الانسان اولاً والبنية التحتية ثانياً كاهداف رئيسة لا يسمح باقتراف اخطاء فيها ..
ويشار الى ان جهاز مكافحة الارهاب كان اكثر كفاءة ومقدرة في المعارك التي دارت في الفلوجة وقواطع العمليات الاخرى وحافظ على الهدفين المذكورين.
للاسف، الاندفاع في استخدام القوة المفرطة وغير الذكية شوه صورة الانتصار الذي حققته القوات الوطنية، وذهب بالناس الى تفسيرات شتى لا تخلو من عزوها الى قصدية لتحقيق انتصار سريع على حساب المدنيين وممتلكاتهم.
هذه الحادثة وغيرها تفرض مراجعة اداء بعض صنوف القوات المسلحة واعادة تأهيلها وتحذيرها من ارتكاب مجزرة جديدة، ولا سيما ان الحرب مستمرة.
كنت اتمنى ان يكون بيان قيادة العمليات اكثر صراحة ويجيب على استفسارات المواطنين، بل حتى على تحليلاتهم ومقارناتهم، لا ان يهرب الى ايراد حوادث صحيحة، هي موضع تقدير، ولكنها ليست السبب في الغضب والشعور بالحزن والتذمر من اداء بعض القطعات، وربما مسؤوليتها الذاتية عما حدث.
الحرب على الارهاب في الموصل بنهايتها من غير المسموح ترك بقع دامية ليست القوات مضطرة اليها في صفحاتها وهي التي خاضت حرباً نظيفة طوال الاشهر الماضية.
ليس من المهم ان طالت الحرب اسبوعين او ثلاثة اذا كان ذلك يؤدي الى الحفاظ على ارواح المواطنين الابرياء وانقاذهم. ان مثل هذا الخطأ او الخطيئة التي ارتكبت وربما غيرها ستترك اثراً سيئاً في النفوس وربما كرها وحقداً، قد يستثمر ويوظف من اصحاب الغرض المفرض ضد الحكومة التي بذلت جهداً محموداً لتكون الحرب نظيفة وباقل الخسائر وتجنب كل ما يمكن ان يؤذي المواطنين في الحرب التي هي دائماً بشعة بطبيعتها ويتعذر تفادي كل مآسيها.
الان، الفأس وقع بالرأس كما يقال، غير انه يمكن مداواة ومعالجة ما حدث من خلال الاهتمام بتعويض الضحايا لدمل جراحهم ومآسيهم والتخفيف من الآمهم/ كما ان الحرب لم تنته لا في الموصل ولا في اماكن اخرى وعلى الجهات المعنية توخي الدقة والحذر ومنع تكرار الاخطاء، كي لا يتوهم البعض بانها سياسة او انها عجز عن اجتراح الخطط لحماية المدنيين واستخدام اساليب جديدة والاستفادة من القوات ذات الخبرة والكفاءة
مقالات اخرى للكاتب