تعود الحياة لأهوارنا.. تشمر السواعد السمراء للشروع برياضة التجذيف، والقصب و البردي يتراقص، مع هبوب الريح، تتجاذب الحنايا ، لتستنشق عطر البن في المقلاة، يقلب على لهب النار، شيوخنا والوجهاء والضيوف، تذوق عسل القهوة بمرارتها، التي تنعش النفوس، هنا الأصالة ، وفق برنامجها الحضاري والعالمي .. نهضة جديدة ، تترادف مع إنتصارات الأبطال، وشموخ النخيل ، في البصرة العشار والناصرية ، لترسل أطراف سعفها ، مع الأمواج ، يستقبلها شط العرب لفراق طال .
لطف الباري.. ليكون كثير من النعم في بلد الأنبياء والرسل, العراق الجريح, ومنها الثروات الطبيعية كالأهوار, تغطي مساحات كبيره من البلد, وتعاني من الإهمال والجفاف لفترات طويلة, الآن شاء القادر على كل شيء, أن يحرك ساكنا, فتحركت الطاقات العراقية للدفاع, والإصرار لتدرج الأهوار العراقية, ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو .
تبلغ مساحة الأهوار عشرون ألف كيلومتر مربع, وتعرضت إلى ضرر كبير بعد تجفيفها عام 1990، من قبل النظام السابق, وعانت من عدم وصول المياه، بسبب إقدام كل من سوريا وتركيا على إقامة سدود على مجرى نهر الفرات، حد من وصول المياه إليها, وأصاب ثرواتها بأضرار.
تنتعش الأهوار في جوها الخلاب, والريح الذي يتغازل مع أطراف القصب والبردي, تتراقص له الأمواج, التي تقبل الضفاف تارة وتعود, ليكون أداة جذب لسياحها, وتعتبر من المناطق السياحية المهمة, التي يرتادها الكثير من الهواة .
نباتاتها الطبيعية .. تنمو بدون تدخل الإنسان, وبكثافة عالية رغم عدم الإهتمام بها, نجدها تتعالى حالما تتعانق تربتها مع الماء, وذات أهمية عالية, تدخل في كثير من الصناعات لسد الحاجة المحلية, أو تصدر للخارج .
تعد الأهوار مصدرا من مصادر الغذاء المهم, لما تحتويه من ثروة سمكية, تتعدد أسماءها وتختلف بالطعم والمذاق الطيب, الذي يتحلى به أهالي الوسط والجنوب, فيتوافد إليها هواة الصيد, أو الممتهنين الصيد كمصدر رزق لهم ولعوائلهم .
كثير من الخيرات العراقية المهملة سابقا, رغم أنها تدر خيرا وأرباحا للبلاد, وتنعش الإقتصاد, حينما تستغل وفق ما مطلوب, لكن حالها كحال الزراعة والصناعة, التي إحتوتها صفحات النسيان, وتم الإعتماد على الذهب الأسود فقط, الذي تتراجع أسعاره بإستمرار.
السياسات الخاطئة, والتدخلات الخارجية, جعلت الحكومات السابقة تغمض عينها, عن الكثير من الأمور, لعل أن تكون بادرة الإهتمام بالأهوار حافزا لها, لتنال المرافق الحيوية الأخرى نصيبها من التطور, وفق البرامج الحضارية, التي يفرضها علينا العصر الحديث, بأسسها الإسلامية المعاصرة .
مقالات اخرى للكاتب