(نص مفتوح)
المنامة السبعون
كان وضع (كتاب أمير) ثانٍ حاجة ماسة جداً في العراق بعد صرخة المناصب والفرص الرئاسية الكبيرة والصغيرة.. وبعد أن صار المنصب - أي منصب – مجال إثراء، وبلوغ طموح.
لقد فتش النشء الرئاسي الجديد كثيراً في (الأمير) الميكافيلي دون جدوى كبيرة أو صغيرة؛ فـ(الأمير) وضع لمن يكون أميراً حقيقياً ولم يوضع لمن يكون أميرا تابعاً، فهو ليس صاحب قرار بل ممكن صاحب أثـَرة واستئثار.
وفي البحث الجنوني عن (كنز العلوم)، كان ابن سيَّا يحتفظ بالسر. وهو سرٌّ فات ويفوت ألفَ فوت ميكافيل؛ فشعبنا العراقي غير شعب (الأمير) تماماً. وإذا انطبق (الأمير) بعموميته على تفليش العراق، فالعراق بخصوصيته لا ينطبق على (الأمير) كثيراً ولاسيما في التحكّم به والحكم.
لقد وضع ابن سيَّا كتابه في المنصب لا ليعلّم الطامعين الذين يسيل لعاب جيوبهم، ويسيح شبق تملكهم كيف يُنصَّبون و(ينصِبون) على الناس، بل ليسخر منهم ويوقظ الناس من عادة محكومية متأصلة. وقد وضع له عدة عناوين لم يثبت عليها، وثبت أخيراً على عنوان يختصر الكتاب ومنهجيته وفكرته، وهو (كتاب ضايج). وضايج كلمة عراقية دارجة تعني: غير المبهج، أو الحزين، أو معكَّر المزاج، أو المتوتر. ولكن المعنى المقصود هو: افتعال ذلك كله والظهور بمظهر استفزازي تسلطي إخافي أمام الناس بغية ضبطهم وربطهم، وهي حالة عراقية مجرَّبة مضمونة.
فقد لاحظ ابن سيَّا بعد أن ماحضَ أن العراقي – مع استثناء- إذا أظهر له الحاكم الطيبة والشفافية يشيخ، وإذا أظهر له العدائية والعنف يبوخ. فـ(قاسم) الدائم البسمة الطيب النسمة أسلموه وأعدموه، و(صدام) الذي لم يزد على ظهور (ضايج) وصور بها (هايج) استسلموا له وسلَّموه!!
فوقف ابن سيَّا وفي كفه (كتاب ضايج) والأكف مليونية تريد أن تنتزعه منه لتستشرعه، مكتوياً (شِعراً) وكاوياً (شعراً):
إذا أردت أن تقودَ في العــــــــــــــــــــــــــــــــــراق (ضُوجْ)
عبّس وكشِّر دائماً بوجههم و(هيجْ)
رئاسة مضمونة من أعوجٍ لعوجْ
جرَّبها فنجِحَ الطــــــــــغاة والعلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوجْ
ولا تكن مبتسماً أمامهم بهيــجْ
في وجهك الخير يلوح والتــــــقى يمــــــــــــــــــــــــــوجْ
قليلَ عقلٍ تافهاً ينقصك النضوجْ
فإنــــــــــــــــها (إثمٌ) و(ذنبٌ) و(خطـــــاً) و(صُوجْ)
وإنها نهاية الحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاةِ والتتويجْ