في خمسينات و ستينات القرن الماضي اقتصر تواصل اغلب العراقيين على الرسائل البريدية والبرقيات في الحالات المستعجلة لندرة توفر الخدمات الهاتفية ، حينها كانت تخلوا مناطق كثيرة داخل العاصمة من الهواتف . وصلت جابر برقية من أقاربه في الكحلاء في العمارة كتب فيها :" نحن بحاجة ماسة وسريعة إلى مدد من الرجال لان عشيرة ال..... هجموا علينا".
اخذ جابر البرقية وذهب إلى مركز شرطة الباب الشرقي حيث يعمل شقيقة العريف عبود . من هناك ذهب إلى دائرة البريد وكتب إلى أقاربه جوابا جاء فيه : " العريف عبود وخيرة رجالنا في طريقهم أليكم " .
مساء اليوم ذاته توجه عبود ومجموعة من أقاربهم إلى العمارة ، بعد يومين وصلت إلى جابر برقية أخرى جاء فيها :" لم يصل عبود أنقذونا " .
في اليوم التالي وقفت أمام دار جابر سيارة تحمل تابوتا ترجل منها أقاربه صارخا:" هذا ابني انكتل وعبود وزلمكم ما وصلوا" !.
اتضح لاحقا أن خبر قدوم عبود ورجاله وصل إلى العشيرة الأخرى من خلال أقارب لهم يعمل في دائرة البريد في العمارة ، كمن رجال تلك القبيلة لعبود ورفاقه قرب الكراج وأخذوهم أسرى .
لم يندمل جرح كارثة قاعدة سبايكر بعد ، ولم يقدم مرتكبو الجريمة و المقصرون إلى العدالة ، فجعنا مرة أخرى بمجزرة وكارثة جديدة في منطقة الصقلاوية والسجر في الفلوجة .
ستستمر الفجائع والمجازر والكوارث والانهيارات الأمنية طالما ظلت الأمور على حالها !.
حسنا فعل السيد العبادي في إحالة ثلاثة ضباط كبار إلى التقاعد وإلغاء مكتب القائد العام للقوات المسلحة ، المكتب كان قاعدة للفساد والرشا . كتبت مرارا في عهد السيد المالكي عن بيع المناصب الكبيرة في القوات المسلحة بمبالغ كبيرة أبطالها معروفون لكن شيئا لم يتغير !.
إن أراد السيد العبادي عدم تكرار الكوارث الأمنية والمجازر عليه العمل على معاقبة ومحاسبة من تسببوا في الإخفاقات الأمنية وعزل من تم تعيينهم بواسطة الرشا وهم معرفون أيضا ، أملاكهم وأملاك أقاربهم كثرت بحيث أصبحت لا تخفى على لبيب ومتابع .
من خلال إعلام الدواعش صرنا ندرك ان من يقودون عجلة إعلامهم مدربون وهم من رهط إعلام صدام ودوائره الأمنية وضباط مخابرات صداميون مختصون في الحرب النفسية .
لقد استفاد هؤلاء كثيرا من العثرات الإعلامية للإعلام الرسمي ، المخولون بالتصريح والناطقون الرسميون خدموا الدواعش لعدم دقة بعض المعلومات التي يصرحون بها ، ومخالفة بعض معلوماتهم مع الواقع على الأرض . استفاد الدواعش من هذه الأكاذيب والمهازل ووظفوها لدعم موقفهم على الأرض ، أدت هذه المعلومات إلى زعزعة ثقة اغلب العراقيين وحتى بعض العسكريين ورجال الحشد الشعبي بجهد الدولة !.
لا تحدث المجازر والخروقات الأمنية بظل وجود مظلة معلومات توفرها الأجهزة الأستخبارية .
أين جهد الاستخبارات بعد ضياع ثلث العراق وبعد حدوث المجزرة تلو الأخرى !؟.
سبب عدم وصول المنقذ عبود ورجاله لنجدة أقاربهم بسبب موظف بريد العمارة الفاسد ، الذي لم يحافظ على أمانة وظيفته ، وبسبب وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب ، مما تسبب بمأساة جارنا جابر الذي فقد بعض أقاربه وظل شقيقه أسيرا لفترة طويلة !.
السيد العبادي مدعو لتصليح الخلل الإعلامي ومعالجة والفشل ألاستخباري ، والتحقيق الجدي في أسباب الكوارث وإخضاع المقصرين أي كانت رتبهم ومواقعهم العسكرية للحساب ، كي نضمن سلامة وصول عبود الحكومة العراقية - لا اقصد عبود كنبر قطعا - إلى المحاصرين وكي لا تحدث كوارث ومجاز أخرى .
كي نتجاوز عثراتنا علينا ان نجعل من :"الألم خيطا ننسج منه قماش الفرح "
"العار ليس في الخسارة أو في كون المرء أدنى من عدوه ولكن أن يكون أدنى من نفسه هذا الذي يحقق مصير المهزوم وجدارة المنتصر "
مقالات اخرى للكاتب