لا يمكن للخطاب الوطني الجامع ان يمشي فوق الجثث المتناثرة ويقفز فوق الرؤوس المقطوعة دون ان تغرقه دماء الضحايا ودون ان تتعلق بتلابيبه بقايا الجثث الرطبة .
ربما يُفهم دائماً من الخطاب الوطني انه خطاب مجامل ودبلوماسي وتوفيقي يحاول ان يمسك العصا التي تتنازع عليها المكونات والطوائف من وسطها ، في حين ان الوطنية وتأصيلها تتطلبان الصراحة وتتطلبان فتح باب النقد على مصراعيه لكل الظواهر السلبية الخادشة للوطن وللمواطن .
هل من مثقف ناج من تهمة الطائفية او الشوفينية ؟
على مدى السنوات الماضية من حياة العالم الإفتراضي وشبكات التواصل الإجتماعي كانت هناك تحولات عديدة في الخطاب "الوطني" سواءً عند الجماعات او عند الأفراد .
لم يعد حديث المثقف او السياسي مبهماً فيمكن تأويله كيفما شاء من قبل الشارع ولا عائماً مشفراً بالرسائل السرية التي يتلقفها البعض فقط ولا حالماً بالوطن العتيد المسجى على فراش الموت.
هذه الأنواع من الخطابات لم تعد تعني أحداً لأن المعركة تحولت لمعركة وجود [ حياة أو موت] وطن أو تشرد ، دولة أو فوضى .
وصارت الجماعات مهددة بالفناء لذاتها وهي تُقتل وتُهجر بلا هوادة في حرب ابادة جماعية .
فترد بالدفاع عن وجودها بخطاب مضاد
لكن هل يبيح ذلك للمثقف او السياسي ان يتحول الى محرض وقاتل ايضاً ؟
حيث لم يعد الخجل من الكلام الذي يشير الى الهويات الثانوية موجوداً بل اننا نكاد ان لا نسمع كلاماً عن دولة اسمها العراق وان وجد فهو لتلميع الكلام وصبغ المطالب فقط .
ذلك الخجل والترفع عن ذكر الطوائف والاعراق والذي كان يصطنع امام الشاشات او على الورق فقط لكن الأفعال كانت تختلف فأوصلتنا الى ما نحن فيه .
ربما صار المتكلم عن الخطاب الوطني الجامع كصاحب اهل الكهف الذي اراد ان يشتري طعاماً بعملة نقدية ساقطة !