الامن.. الاحترام والتوقير، بما يناسب دفق الخدمة التي يشملون بها المجتمع.. التعاون البناء مع الزملاء الأقدمين والأساتذة؛ للإفادة منهم، في تعلم رصانة كلاسيكيات العمل الطبي، وعرض روح الحداثة، بفهمها الحيوي المتطلع للمستقبل.. يعني المنفعة متبادلة، وليست مقيدة بخطاب أحادي، من مرسل الى متلق سلبي، إنما تفاعل إيجابي، بين عمرين وفهمين.. يتكاملان، من دون تضاد ولا تباين، إلا بالحسنى، كما تقول حكمة الامام علي.. عليه السلام: "ربوا أبناءكم على غير أخلاقكم؛ فقد خلقوا لزمن، غير زمنكم".
الظروف المناسبة من سكن وغذاء وفرصة التزود بالعلم، من خلال التعليم المستمر ،الدراسات العليا، او حتى الدورات في الخارج، كأضعف الايمان، والتي تتكفل بها نقابة الاطباء ووزارة الصحة، المعنيتان، بتأمين قروض للأطباء الشباب، بعد إجتياز مرحلة الإقامة؛ لفتح عيادات مجهزة بالمستلزمات الحديثة، من أجهزة وملاكات خبيرة مساعدة أو لتكوين عائلة.
يعني من شأن النقابة والوزارة، إذا شاءتا ان تؤديا عمليهما، تحويل الطبيب الشاب، الى مؤسسة طبية كاملة، يتشرب المهنة إعتمادا على نفسه وبعون من الجهتين المعنيتين بتوفير فرصة النجاح، وتوطيد دعائم تشكل مستقبل الطبيب الشاب.
كلاهما.. الوزارة والنقابة، معنيتان، بتأمين الأغطية. العلمية والمالية والاجتماعية.... ، للطبيب الشاب؛ من خلال التوزيع الوظيفي المنصف، وتهيئة الفرص الدراسية، والتعاون مع مؤسسات الدولة ورجالها، بما ييسر عملهم، في بيئة آمنة، تمنحهم حقوقهم المادية.. رواتب مجزية تتناسب مع أدائهم، ومخصصات مناسبة، لمن ينذر وقته طيلة الـ ٢٤ ساعة من اليوم، متأهبا لأي طارئ صحي يتعرض له المجتمع.. أفرادا وزرافات.
يتوجب على من يعرف الواجب ويقدر قيمة الناس المبدعين؛ تأمين الحقوق المعنوية للأطباء الشباب، وبالخصوص الوثائق؛ لما لها من تأثير معنوي على شخصياتهم وإحساسهم بإثبات امتلاكهم لمهنتهم التي ناضلوا من اجلها سنين طوالاً، حيث ان هذه الوثائق حق قانوني وليس فضل من احد، وحجبها من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بطلب من وزارة الصحة، يترك اثرا سيئا في نفوسهم؛ له مردود عكسي على سلوكهم ومهنيتهم، فحجبها بقرار حكومي.. توافقي بين الوزارتين، لا يرقى الى مستوى القانون الذي يفرض منح الوثائق لهم، إنما يأخذ شكل المؤامرة والفخ.
وقد بحثنا في قوانين الوزارتين المعنيتين التعليم العالي والصحة ولم نجد اي سند قانوني لمنع تزويد الاطباء الجدد بوثائقهم؛ لكن عجز الصحة عن تحقيق طموحاتهم، التي يجدون لها أرضا خصبة في الخارج؛ لما يتمتع به الطبيب العراقي من ذكاء فائق؛ يجعله مطلوب.. تفرش تحت قدميه المغريات، وهو شأن لا ترقى إليه وزارة الصحة؛ لذلك لم تجد أمامها إلا منع سفرهم، بدل الحفاظ عليهم، يعني هم الآن سجناء المهنة.. معتقلون من قبل وزارة الصحة، والجهة التنفيذية هي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بما يجعل العراق سجنا لهم والمستشفيات زنازين؛ لن يحسنوا العيش فيها؛ فما بالك وحياة الناس بين يديهم، وهم مأزومين يعانون.. مثلما توجه مراكز الشرطة التابعة لوزارة الداخلية المتهمين الى المحاكم التابعة لوزارة العدل.. والامثال تضرب ولا تقاس.
الأفضل هو توفير الظروف المناسبة، التي تربطهم بالمكوث في وطن يحترم تفوقهم، من خلال ما أسلفنا من راتب وقروض وسواها من محفزات، تديم تمسكهم ببلدهم، وعدم التفكير بالهجرة، بدلا من اساليب المنع التعسفي.
مقالات اخرى للكاتب