تناولت الصحف الامريكية خبرا ً "حول تصريح عدد من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي، من انهم وجهوا رسالة الى وزير الخارجية الامريكية جون كيري، يطالبون فيها دعم مطالب ابناء المكون المسيحي في العراق لإنشاء محافظة في سهل نينوى خاصة بهم .. وشدد الموقعون على ضرورة قيام الولايات المتحدة الامريكية بتقديم المساعدة والتدريب للقوات المسؤولة عن هذه المحافظة، وتقديم المساعدة اللازمة للأقليات لإنهاء حالة الاضطهاد التي يعاني منها هذا المكون في العراق .. وجاءت الدعوة من اعضاء مجلس الشيوخ الى جون كيري .. والتي وقع عليها العضو الديمقراطي الارفع مستوى في لجنة الاستخبارات داين فاينستاين، وعضو لجنة القوات المسلحة تد كروز، والعضو المسؤول عن تصويت الديمقراطيين في مجلس الشيوخ ريتشارد ديربن، وعضو لجنة العلاقات الخارجية في المجلس جين شهين، وعضو لجنة التخصيصات المالية مارك كرك".
ان هذه الرسالة او الدعوة من الممكن ان تكون ورقة عمل لكافة المهتمين بحقوق الاقليات، ومن السياسيين والاحزاب الممثلة لأبناء المكونات في العراق، للضغط من اجل الحصول على هذا المكسب المهم الذي سوف قد يحسم الكثير من الاشكالات، والحد من هيمنة أبناء الاغلبية الذين يحاولون بشتى الطرق الغاء هذا الطلب، كما انهم يستخدمون لغة التعالي، للتعامل مع كافة الشرائح والمكونات الاخرى في محافظة نينوى، حيث لم تستطع مؤسسات المحافظة حماية ارواح الابرياء وممتلكاتهم الشخصية، كما لم تسلم حتى دور عبادتهم التي يمجد اسم الله فيها، من قبل الخارجين عن القانون، فضلاً عن النهج الطائفي والتحريضي، الذي كان يتعرض له المسيحيون والايزيديون، والشبك والتركمان، من قبل اصحاب الفكر القومي الشوفيني، والديني المتطرف، معتبرين انفسهم الافضل والاهم في المجتمع الموصلي !!.
ان هذه الاعمال والتصرفات، الى جانب ضعف اداء الاجهزة الامنية في المحافظة اعطت الضوء الاخضر للمجرمين لقتل المئات من الابرياء، ومن دون أي سبب او مشكلة، سوى لكونهم من اتباع الديانة المسيحية، والغريب من دون ان تطالهم يد العدالة، لمدة ازدادت عن عشر سنوات !! وقاموا بعد ذلك بعمليات الخطف لابتزاز ذويهم ماليا ً، وتهجير الالاف منهم فيما بعد .. كل هذه الاعمال كانت سائدة، قبل دخول عصابات تنظيم داعش التكفيرية والضالة الى محافظة نينوى، في 9/حزيران/2014، التي استباحت بإعمالها الارهابية كل شيء في ابشع نكبة وجريمة يشهدها تاريخ العراق الحديث .. لكل هذه الاسباب وغيرها نجد من الضروري ان تكون لنا محافظة من ضمن الحكومة الاتحادية، ندير شؤونها بأنفسنا، لنكون اسيادا ً في بلدنا، ولنبعد الظلم والتهميش عن شعبنا، وان لا نبق تحت حكم هذا وذاك، منذ اربعة وتسعون عاما ً ولحد الان لم نصل الى الحد الادنى من التمتع بحقوقنا في بلد قدمنا له الكثير.
انها فرصة تاريخية لتتوحد من خلالها الكيانات السياسية، وان تلتقي في نقطة تشكيل المحافظة اداريا ً، لهذه المكون المظلوم، بعيدا ً عن الخلافات الشخصية، او الامتيازات او الصراعات على المناصب، او مجاملة هذا الطرف او ذاك ان كان عراقيا ً او اقليميا ً.
لذلك يجب التحرك بشكل سريع، لا قناع الاطراف السياسية العراقية على الموافقة بتكوين محافظة للشعب المسيحي، وبان ذلك ليس عملا ً يخل بأمن العراق او محاولة تمزيقه مثلما تروج بعض الدعايات، التي تعمل بكامل قوتها، لمنع تحقيق مطلب ابناء الرافدين بحقوقهم.
ان تحقيق هذا المطلب سيضمن الحياة الكريمة، وسيشعرهم بان لهم حقوق وطنية في هذا البلد، كما انه يعطي الاطمئنان لهم ويحفزهم على البقاء، وعدم مغادرة بلداتهم التاريخية، وهذا المطلب لا يعتبر او يفهم على انه يجمع كافة المسيحيين في هذه المنطقة فقط.
على الحكماء والسياسيين، والمثقفين والاعلاميين، والعاملين في المؤسسات الدينية والمدنية، استثمار هذه الفرصة المهمة، كونهم الاضعف في هذه المرحلة العصيبة، والخطرة على وجود شعبنا الكلداني السرياني الاشوري.
ان اجراء اللقاءات والتشاورات الفورية للوصول الى الصيغة النهائية، وتقديمها الى الجهات كمطلب واحد متفق علية من قبل الجميع، وعدم افساح المجال للاختراق من قبل أي طرف داخلي او خارجي .. وعلى هذه الاطراف ان تتذكر وتستفيد من تجربة قانون تحرير العراق، الذي اقره الكونغرس الامريكي عام 1998 وتم تنفيذه عام 2003 بتحرير العراق من قبضة نظام صدام .. أي ان الامريكان قادرون على اسناد الشعوب المستضعفة، وإيقاف السلوك العنيف الموجه ضدهم، واعادة الاعتبار لهم، ومساعدتهم في ادارة شؤون مناطقهم وتأهيلها نحو الافضل لحفظ كرامتهم وحقوقهم التي تنتهك باستمرار من قبل اخوانهم في الوطن !!.
اما الضمائر الغافية عليها ان تصحوا من اجل مصلحة شعبهم، وان لا يضعوا العراقيل امام هذا المطلب، فجرح شعبنا ما زال ينزف، وامست مسألة وجوده اصبح في خطر حقيقي، بسبب النكبات المتتالية من قبل الاخرين.
لقد استشهاد (1108) مسيحي من ( الاطفال والنساء والشباب والشيوخ) من سنة 2003 ولغاية 2014، كما جرى الاعتداء على (115) كنيسة ودير ومزار !!، ونزح قسرا ً (19) الف عائلة !! منذ احتلال مدينة الموصل وسهل نينوى من قبل داعش، ناهيك عن خسائرهم المادية التي تقدر بملايين الدولارات، بسبب تركهم بيوتهم وممتلكاتهم ومزارعهم ومحلاتهم التجارية.
لقد سبو النساء وتم بيعهم في سوق النخاسة في مدينة الموصل ومدن اخرى كالرقة السورية، من قبل شواذ ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الارهابية، واليوم آلاف الأطفال وعوائلهم يفترشون في الطرقات والمدارس وهياكل البنايات.
انتم مدعوون الى اظهار نهجكم الحقيقي لنصرة قضية شعبنا في العراق والعالم من خلال عقد العديد من اللقاءات والتشاورات، وطرح كافة الآراء والقضايا لمناقشتها بإسهاب وبروح صادقة ومسؤولة، ونكران للذات لحين الوصل الى اتفاق مشترك يسهم في دعم حقوق شعبنا، وبعد ذلك يعقد مؤتمر موسع لكافة الشخصيات الدينية والسياسية والاكاديمية والادبية ومن الهيئات الاعلامية ومؤسسات المجتمع المدني من الداخل والخارج، وينبثق عن هذا المؤتمر (مجلس قومي، او أي تسمية أخرى مناسبة) يتم انتخابه كي يمثل شعبنا في المحافل الدولية، ويدافع بصلابة عن حقوق شعبنا في الوطن.
مقالات اخرى للكاتب