بعد اقرار ( قانون الموازنة للعام 2015 ) مساء الخميس الماضي ، توالت ردود الأفعال على جميع المستويات الرسمية والشعبية للاشادة بهذا الحدث ( النوعي ) والمُنجز بوقت ( قياسي ) ، وكان بيان مكتب رئاسة الوزراء الصادر صباح يوم الجمعة ( يهنئ ) الشعب العراقي ويُشيد بـ ( روح التعاون ) بين السلطتين التنفيذية والتشريعية التي أسهمت باقراره ، فيما أكد رئيس مجلس النواب على أن العراق لم يشهد منذُ عام 2003 تمريراً لقانون الموازنة خلال شهر واحد !.
هذه البيانات والتصريحات وبرقيات التهاني بتمرير قانون الموازنة لهذا العام ، هي ادانات صريحة ورسمية للسلطتين التنفيذية والتشريعية ، التي تعترف علناً بأن تمرير قانون الموازنة خلال شهر واحد يعتبر انجازاً منذُ سقوط الدكتاتورية ، دون أن تتحرك السلطة القضائية طوال تلك الاعوام لمحاسبة تلك الجهات على عرقلة تمرير قوانين الموازنة خلال الاعوام السابقة بنفس المدة الزمنية وبنفس ( روح التعاون ) التي وصفتها تلك البيانات بشكل خاص، ناهيك عن عدم أقرار ميزانية العام الماضي ، وعدم تقديم البيانات القانونية لأبواب صرفها ، في سابقة نوعية لم يشهدها العراق طوال تأريخه ، على هذا تكون الادانات شاملة للمؤسسات القضائية كذلك ، ليواجه ( مثلث السلطات ) صحائف أعماله !.
نحن نتصدر دول العالم بعدد أيام تعطيل الدوام الرسمي لمؤسسات الدولة على مدار العام ، ولسنا هنا بصدد مناقشة هذه القضية ( النوعية ) غير المشرفة ، لكننا نعتقد أن أقرار الموازنة مساء الخميس الماضي أعتبره السياسيون علامة فارقة تستحق التمييز، وليس غريباً أن يكون هذا اليوم (المشهود) عطلةً رسمية في الاعوام القادمة ، خاصةً اذا تفاقم الصراع بينهم على اقرار موازنة العام القادم ، ليكون مناسبةً تقام في ذكراها الندوات والاحتفالات والمهرجانات وتوزيع الجوائز والدروع الثقافية ، طالما أنها أعتُبرت انجازاً وطنياً موثقاً على أعلى المستويات .
المفارقة ، هي أن جلسة التصويت على الموازنة ، التي قيل أنها ( أنعشت روح التعاون ) بين ( الأخوة المنتخبين ) ، لم تخرج على سياق ( معادلة الحضور والغياب المحسوبة ) من قادة الكتل الرئيسية في البرلمان العراقي ، ولم يكتمل الحضور فيها ولكن أكتمل النصاب ، ولم تكن على أهميتها تستوجب استدعاء كامل ( ريش الأجنحة ) ، لأن مستوى ( الطيران ) المطلوب لايحتاج الى طيور نوعية .
من الآن الى توقيت مناقشات موازنة العراق للعام 2016 ، لا أحد يستطيع توقع خرائط العمل السياسي في العراق ونتائجها على الأطراف السياسية وعلى الشعب العراقي عموماً ، لكن المؤكد أن حكام ( المنطقة الخضراء ) سيتحملون ذنوباً ( اضافية ) نتيجة أدائهم الضعيف ، الذي لم يرتقي الى مستوى حاجات العراق وشعبه منذ سقوط الدكتاتورية .
مقالات اخرى للكاتب