لسنا بصدد فتح الجراح ، ولكن كان من الضرورة بمكان ونحن على ابواب قمة عربية جديدة ، التأكيد على وفق مخرجات القمم السابقة ، على إن قمة الاردن لم تكن افضل من القمة التي سبقتها ، وان الشعب العربي لم تعد له اهتمامات بتلك القمة ، لانه يدرك هي قمة ناقصة الاهداف ، والمواقف المشتركة ، والمعالجات الاساسية لقضايا محورية ، وفي العلاقات بين انظمة العرب .
فلايشعر الانسان العربي قيمة لأي قمة مهما علا صراخها ، دون حضور الجمهورية العربية السورية فيها ، فبلاد الشام هي محور الاستقرار والخلاف ، ودمشق هي مركز العروبة ، وسوريا هي الدولة الاولى الضامنة للحقوق العربية في ظل اختلاط المواقف وشيوع اللون الرمادي في العديد من القضايا التي يتوجب فيها فرز الالوان ، ومسألة ابعاد دمشق عن القمة ، يعني بالضرورة ابقاء الحالة العربية من تشتت وتناقضات وصراعات على ماهي عليها . سوريا احدى أولى الدول التي اسست للجامعة العربية ، والمصيبة العربية يأتي البعض من التحق مؤخرا بهذه الجامعة ليصر على عزل سوريا عن حاضنتها العربية ، ولكن رغم ذلك يجب التأكيد بأن سوريا العروبة والتاريخ والحضارة والوجود الازلي الذي طاف في شواطئها واماكنها من ارض سومر في بلاد الرافدين الى بلاد الخلود في الشام كلكامش بحثا عن الحياة الافتراضية الابدية ، لايمكن أن تعزل بقرارات مقصودة هدفها العزلة والضعف بين مكونات العرب ونظمها ، في الوقت الذي التكوين البشري عن الشراكة الاقتصادية والثقافية والانسانية بين ابناء المعمورة .
إن أي مؤتمر مهما كان شكله ولونه يصبح هامشيا إذا لم يعالج القضايا المحورية لهذه الامة . ومن ابرز تلك القضايا التناقضات والاختلافات بين هذه النظم ، ومن ابرزها المحور السوري ، وكذلك اليمني ، فبعد ماتكشف بأن الاحداث الدموية الجارية في سوريا منذ ست سنوات هي اعمال ارهابية مصنوعة في الخارج سياسيا وتمويليا وتسليحيا ، هدفها تمزيق وحدة الارض السورية وخلق الصراعات بين مكونات المجتمع ، فبعد هذه السنوات من الانكشاف لتلك المجازر الدموية وبعد التأكد من التدخل الاسرائيلي الواضح ومن فتح تركيا الاردوغانية كل المنافذ لعبور الارهاب المنظم والمسيس للاراضي السورية وانكشاف التدخلات الاقليمية والدولية الاخرى يتوجب عن القمة العربية تحديد موقفها ومعالجة الاختلافات مع سوريا .
إن العرب هم الامة الوحيدة بين أمم العالم عندما يدب الخلاف بينهما ، يتحول هذا الخلاف الى كسر عظم بينهما ، وتحطم كل سفن العبور والعودة الى الصوب الامن ، وفي تقديرنا مثل هذا السلوك هوتعبير على الاصرار لركوب العقل الالغائي بدلا من وسطية الحلول . فالعالم اليوم ليس هو عالم قطع التواصل بين اخوة التاريخ والجنس والدين واللغة ، وسوريا العروبة والوحدة لاتستحق ان يحاصر شعبها بالرصاص والخبز من اخوة الدم المشترك ، وبالتأكيد استمرار مثل هذه المواقف لايخدم سوى اعداء الامة وفي المقدمة اسرائيل . نعتقد بعد نجاح سوريا في صد موجات الارهاب المتتالية والمحافظة على كيان الدولة ومؤسساتها والجيش وتكويناته ، بعد هذا وتلك السنوات المريرة من القتل للشعب العربي السوري اصبح لزاما على العرب ان يعالجوا هذه المسألة بعناية وكثيرا من الود لسوريا . إن الوقائع تثبت إن الحرب التي شنت على سوريا هي حربا كونية بامتياز ، وان وقفها عند هذه الحدود يعود للشعب السوري ، وبالتالي لابد من القيادات العربية مراجعة المواقف ، فقمة اليوم تعقد في المملكة الهاشمية الاردنية التي عودتنا قياداتها على مر السنوات على الفطنة والهدوء والرؤية في معالجة المواقف ، ليس مثل تلك القمة التي عقدت قبل ست سنوات فلابد من موقف يؤسس لمعالجة الازمة السورية عبر الحراك مع الدولة السورية وقيادتها ، لكي يتم طوي صفحة سوداء من المأسي قدم فيها الشعب السوري الاف الصحايا دفاعا عن وطنه وابعاد شر أكلة لحوم البشر عن الامة ووقف تداعيات الفكر الظلامي عن المحيط العربي.
مقالات اخرى للكاتب