في العراق, ليس من الصحيح دائما الإعتقاد ان كل من يدير موقعا إلكترونيا إعلاميا يهتم بالشأن السياسي هو بالضرورة شخص يفهم في الإعلام ويفهم في السياسة، وعلى ضوء هذا الفهم يتعامل مع من يريدون ان يكتبوا في موقعه على إختلاف توجهاتهم السياسية، ومع قراء هذا الموقع وتعليقاتهم على ما يُكتب من كتابات سياسية مختلفة التوجهات. وهؤلاء صنفان: الأول، أولئك الذين يتابعون ما يُكتب ولهم وجهات نظر سياسية تلتقي وتفترق، ولعلهم مثقفون او سياسيون ولكنهم لا يميلون إلى الكتابة في المواقع الإلكترونية، ويهمهم ان يعلقوا على مقالة اطلعوا عليها ويرغبون في ان يطرحوا وجهات نظرهم، المؤيدة او المخالفة لما يطرحه كاتب المقالة. والثاني، أولئك الذين يريدون ان يعلقوا تعليقا عابرا، لاهيا او متسليا، هازلا او ساخرا، ساخطا او غاضبا.
ومن المتوقع ان يكون لكل موقع ألكتروني مدير مسؤول عن إدارته مع عدد من العاملين المحررين لصفحات الموقع والمسؤولين امامه. ولذلك أنا اعتبر مدير الموقع هو المعني بهذا الكلام وعليه ان يتحمل المقصود منه. فإذا كان الشخص الذي يدير الموقع يؤمن بالرأي والرأي الآخر فإنه ينشر ما يأتيه من كتابات سياسية مختلفة الإتجاهات، تتقاطع على صفحات موقعه لا ان يفتح الطريق لنشر مادة ويقطع الطريق على نشر مادة اخرى بما يتوافق ومشربه السياسي. وأيضا، إذا كان هذا الشخص الذي يدير الموقع يؤمن بالرأي والرأي الآخر فإنه ينشر ما يأتيه من تعليقات القراء، غثها وسمينها، الجاد منها والهازل، المؤيد والمعارض، لا ان يمتعض او يغضب فيما يرد في هذه التعليقات من كلام وكلمات قد يكون بعضها مسيئا لإدارة الموقع او لأحد كتابه، فيرد مدير الموقع او احد العاملين فيه على القارىء المعلق ردا قاسيا يُخبر ان هذا المدير او من يمثله بالرد لا يعدو كونه شخص لا يحسن التعامل مع القراء ولا يتلطف فيه، ويكون رده السيىء مساويا لإساءة القارىء في تعليقه، فيتساوى الإثنان في سوء التصرف، كما حدث قبل أيام بين احد المواقع الألكترونية المعروفة وعدد من القراء المعلقين. ويحدث ان لا يفهم مدير الموقع تعليقا مهما وجادا لأحد القراء فهما صحيحا ويعتبره تعليقا مسيئا او ساخرا ينال منه او من احد كتاب الموقع، وحينذاك يكون الرد على هذا القارىء بكلمات قاسية. نعم، من حقه أن لا ينشر تعليق القارىء الذي يسيىء الأدب في تعليقه، ولكن ليس من حقه هو ان يسيىء الأدب في رده على من يسيىء الأدب في تعليقه بمثل هذه الكلمات السيئة التي تُخبر عن خُلق لا يُحسد عليه، حقيقة. إن على أي موقع إعلامي سياسي له أهميته وسمعته ان يحترم المتعاملين معه في موقعه من كتاب وقراء، وأن يمسك لسانه هو ومن معه من العاملين من ان يزل ويشتط ويرد بما هو غير لائق من الكلام على المتجاوزين من القراء المعلقين.
بعض هذه المواقع الإلكترونية السياسية هي لسان حال جهات سياسية متنفذة في الحكومة او مؤيدة ومناصرة لها. هذه الجهات السياسية منها ما يتمتع بشعبية جماهيرية واسعة وتمسك بزمام الحكم، فكيف إذا تعاملت إدارة موقع من هذه المواقع الإلكترونية التي تحسب على او تؤيد وتناصر هذه الجهة السياسية مثل هذا التعامل السيىء مع بعض قراء هذا الموقع الذين يعلقون على كتابات كتابها بتعليقات لا تروق لإدارة الموقع ولا تتوافق مع توجهاته السياسية؟
قبل سنوات وصف رئيس الوزراء السيد المالكي بعض المواقع الألكترونية العراقية المناوئة للحكومة عامة وله شخصيا بـــ (مكب النفايات،) في موقف غضب مما يكتب في هذه المواقع ضد الحكومة عامة وضده شخصيا. فالموقع هو (المكب) وما يكتب فيه هو (النفاية.) فما الذي يقوله اليوم عن موقع ألكتروني سياسي يُحسب على (دولة القانون) مناصرة وتأييدا ودفاعا عندما يجد ان إدارة هذا الموقع تتعامل مع القراء تعاملا غير منصف فترد بكلمات من مثل: (السفيه والتافه) على من ترى انه أساء لها او لأحد كتابها في تعليقه، او لا تفهم فهما صحيحا تعليقا مهما وجادا على مقالة لأحد كتابها؟
مقالات اخرى للكاتب