لم يقتصر التغيير على تشكيلة الحكومة الجديدة، وإدارتها وفق آلية حديثة؛ بل كان له كلمة داخل بيوتات الأحزاب السياسية.
حزب الدعوة؛ أحد الأحزاب التي وصلت إلى مفترق طرق مع بعض قياداتها؛ الذين كسحتهم أمواج التغيير، ووجدوا أنفسهم في النهاية صفراً إلى الشمال؛ بعد إن سببت إدارتهم الرعناء بِإنزلاق البلاد نحو قِعر الخراب والعاهات، ومُخيمات النزوح.
خطوات العبادي؛ غيرت المسار الذي حرك البلد نحو الهاوية على مدار ولايتين؛ فالإنفراج الدولي، وتحشيد الرأي العالمي ضد داعش؛ خطوة لم نشهدها مِن قبل، والتوافقية في الحكومة الجديدة؛ رسمت معالم التغيير، وهي أيضاً لم نعهدها سابقاً، وإزالة المناصب الوهمية التي أنزفت البلاد مبالغ طائلة، وكان عملها ضيراً وليس نفعا منذ نشأتها الأولى؛ هي أيضاً نجاح لم نلمسه سابقاً.
هذه الخطوات جعلت من حزب الدعوة؛ يعطي لِنفسه جرعات الحياة؛ في تنقية قيادات جديدة؛ بعد إفلاس بعض قادته في قمة هرم السلطة، وفشلهم في إدارة الحكومة طيلة حقبتين منصرمتين، كانتا نقمةً على حياة العراقيين؛ في غياب الأمن، وتقوية الفساد في كل مفاصل الدولة، والرجوع إلى العصور الحجرية في المناطق التي إحتلتها داعش، وفرضت تشريعاته التكفيرية على طبيعة الحياة فيها.
تغيير بعض قيادات حزب الدعوة؛ مرتبطاً إرتباطاً وثيقاً بأصل التغيير الذي أكتسح بعض" هوامير" الفساد، وقادة الفشل، وآخرون(جايهم السرة) بعد خلعهم من"فِراش السلطة" إذ ليس من العدل؛ إقالتهم فقط، وإنما لابد من أن يكون هنالك قصاصٍ عادلٍ بِحقهم.
ما تناقلته بعض وسائل الإعلام من تسريبات مؤكدة؛ في تولي العبادي منصب الأمين العام لِحزب الدعوة؛ قد يُشكل قفزة نوعية في مسيرة الحزب تُحسب له؛ بعد السخط الذي واجهه طيلة السنوات الثمان؛ من قبلِ مختلف الأوساط العراقية؛ نتيجة لِسياسة الفشل التي رافقتها.
قد تكون خطوة حزب الدعوة هذه؛ هي بِمثابة رادعاً قوياً لسياسة التأليب التي تُمارس ضد العبادي؛ بعد نجاحه في خطواته الأولية؛ التي وجدت صدى واسع من الترحيب، وإن دل على شيء؛ فأنه يدل على وطنية حزب الدعوة، وأيمانه بالتغيير الذي نادت به المرجعية الرشيدة.
لا ريب؛ أن السياسة الخاطئة التي سببت في تفكك النسيج المجتمعي، وصنعت دكتاتورية وريثة في كتلة عائلية من الأنساب، والأقارب، وغلقت مبادرات الحوار مع الأطراف السياسية؛ وقربت البعثيين من أجهزة حساسة ومهمة في الحكومة؛ هذه السياسات أثارت مخاوف لدى حزب الدعوة ذو التأريخ العريق؛ من عواقب وخيمة لا يحمد عقباها أبداً.
قد يكون لِتغيير المناخ السياسي في الحكومة الجديدة، له أثر كبير في تغيير خارطة الحزب الحاكم، وإعادة النظر في قيادته التي جلبت له الشنار؛ في ظل مشوار طويل من تولي السلطة، كان الأجدر أن يُستغل أفضل إستغلال في توسيع القاعدة الجماهيرية للحزب.
تنقية الدعوة لِقياداته، خطوة مهمة في مسيرته، وما عليه إلا أن يُبادر في التغيير، لإنقاذ سياسته، ونفوذه من مخاطر الإتغلاق والتفرد، وسخط الجمهور.
مقالات اخرى للكاتب