نتيجة لارتفاع كشفية الاطباء وأسعار أدوية الصيدليات، أصبحت
محال العطارة التي يديرها مجموعة من الناس، ملجاً لهم ومهرباً من أجل شفائهم من الامراض التي تصيبهم، رغم أن أصحاب تلك المحال لا يمتلكون المقدرة في التعامل مع الوصفات العشبية بصورة صحيحة، وإتباعهم سبل إقناع المواطن بشراء منتجاتهم وباسعارها الرخيصة والتي لا توجد فيها أي خطورة على صحتهم ولا تحمل آثار سلبية، ساهمت في إنتشارهم بصورة ملحوظة في الاسواق .
فكيف يمكن أن يفهم بعض العطارين بانهم يهددون صحة الناس ؟ ولماذا يصرون على إعطاء المرضى أدوية كيفاما شاؤوا رغم جهلهم بعضهم بممارسة هذه المهنة ؟ وهل إن اللوم يقع عليهم أم على الزبائن الذين وضعوا مختلف الاعذار أمامهم من فقر وعازة، من أجل التعامل معهم على حساب صحتهم ؟ .
(( بغداد الاخبارية )) سلطت الضوء على هذه الظاهرة، وكان لها هذا التحقيق الصحفي .
كبار السن والنساء
قال إبراهيم سعد حسين ( صاحب محل لبيع المواد الكهربائية ) كنت أشاهد كثير من الناس يتجهون الى محال العطارة بشكل كبير بحثاً عن العلاج لديهم، بسبب إرتفاع كشفيات أجور الاطباء وأدوية الصيدليات، بحيث إن الإقبال عليهم كان من كبار السن المصابين بضغط الدم والسكري والنساء بمختلف أمراضهن، والتي جاءت لقناعتهم بقدرة هذه الخلطات الشعبية على معالجة أي مرض قد يصيبهم، على أساس أنهم يخشون من الادوية التي لها تأثيرات على صحتهم بشكل كامل ويجدون أن هذه الوصفات فيها الشفاء من دون تأثيرات جانبية وإن لم تكون تنفعهم .
خبرة طويلة
أضافت ندى صالح حسن ( لديها محل أعشاب ) بقولها خبرتي في هذا العمل تطول الى عشرات السنين ، وأتعامل معها بشكل حذر شديد، كي لا تكون لها إنعكاسات سلبية على صحة المريض التي يشكو من مرض بينما مرضه غير ما يقوله لنا، ولكن بحكم معرفتي أستطيع أن أصف له الدواء الشافي من دون أي خطأ قد أقع فيه، فالاعشاب الموجودة في محلي مستوردة من عدة بلدان عربية وإسلامية، ولكن بسبب البطالة دخل هذه المهنة كثير من الشباب وكانت غايتهم الربح فقط من دون معرفة سابقة، فأثروا علينا وصار الناس ينظرون الينا بريبة وعزفوا عن الدخول الى محالنا .
معالجة تساقط الشعر
وأشار قاسم عبد الخالق زهير ( لديه محل أعشاب ) الى إن غالبية الزبائن الذين يزورن محله، لا يشترون أعشابا للامراض المزمنة أو القلبية، وإنما يبحثون عن بعض الاعشاب التي تساعد على الاسترخاء، وتخفيف بعض آلام المعدة أو لمعالجة تساقط الشعر والحناء، فتكون مهمتنا توفيرها لهم وحسب رغبتهم، من دون التدخل معهم، كونها حاجيات بسيطة ولا تحتاج الى مراجعة الاطباء، غير إن كثير من الناس يرغبون شراء خلطات عشبية خاصة بجلطات الدماغ أو القلب أو قرحة الامعاء وغيرها من الامراض التي تحتاج الى تحليل وسونار وأشعة، حينها أمتنع عن إعطاء أي علاج، خوفاً عليهم من تدهور صحتهم وربما الى فقدان حياتهم فيما لو أعطيتهم أعشاب غير صحيحة ولا تلائم أجسادهم .
زبائن دائميين
أكدت مريم ناصر مهند ( ربة بيت ) على إنها من الزبائن الدائميين لمحال العطارة، فكلما قامت بزيارة الاسواق من أجل شراء ما تحتاجه العائلة، تذهب اليهم لغرض شراء بعض الحاجيات الضرورية للمنزل، كالحبة السوداء والزعفران والقهوة العربية والقرفة والهيل والمشروبات الأخرى التي تساعد في القضاء على الرشح وعلاج الصداع والمغص، لان خلطات الأجداد العشبية تزيد الشخص قوة وصحة وعمراً.
تجارب مريرة
أقسم حسن ثامر حميد ( طالب إعدادية ) على عدم تناول أي علاج بالاعشاب بعد التجرية التي مر بها وفق نصيحة أحد أصدقائه، عندما شعر ببعض الالم في كليته، ولكنه بعد أن تناول جرعة منها، ساهمت في زيادة آلامه بشكل غير طبيعي، ما إستدعى الامر الى الذهاب به من قبل أهله الى أقرب مستشفى لعلاجه، وقد وجه الطبيب المعالج إنتقاداته له ولاهله على إهمال حالته الصحية والوصول بها الى هذا الطريق الذي كثير منهم يجهلون التعامل مع الاعشاب وأنوعها والمهام المطلوب منها عند إعطاء المريض علاجاً .
كريمات الوجه
سخرت باسمة مرتضى علي ( طالبة جامعية ) من الحالة التي وصلت اليها بعد أن كانت مترددة بعض الشيء من زيارة محال العطارة لشراء الأعشاب والمواد التجميلية، فرؤيتها لاحدى زميلاتها بهيئتها الجميلة والمشرفة من خلال إستخدامها بعض الكرميات لتبييض وتنعيم البشرة، أدت الى زيادة رغبتها بأسخدامها كذلك، ولكنها عندما إستمرت في إستخدامها لفترة قصيرة من دون أي نتيجة، شعرت بارتياح كبير من خلال عدم التسبب بتشويه وجهها، ربما ستدفع أموالاً كثيرة لعلاجه ولم تتقرب بعد ذلك لاي محل أعشاب نهائياً، لان غالبيتهم أما يعرضون خلطات تكون مغشوشة أو منتج طبيعي، لايحتوي على أي مواد كيميائية، ثم تثبت بعد التهاب الوجه عكس ما يدعون .
لا تعد طباً بديلاً
أوضح الطبيب محمود هاني جعفر ( طبيب عام ) إن جميع المواد العشبية ليست آمنة دائماً أو خالية من أي ضرر عند إستخدامها من قبل المرضى، ويجب الا تعد طباً بديلاً عن الطب الحديث الذي يعطى الرأي الصحيح، بعد إجراء التحاليل والفحوصات والاشعة والسونارات وغيرها التي تستوجب المعرفة التامة بالمريض قبل إعطائه العلاج، فالمواطنون يحتاجون الى نشرات توعوية وتثقيفية من هذه الناحية، لان غالبيتهم يجهلون الجانب الاخر من مضارها وهؤلاء أصحاب المحال يتحينون الفرصة من أجل زيادة مبالغ البيع للزبائن ولا يهمهم ماذا سيحصل لهم ؟ .
أعشاب ضارة
ترى حسناء مهدي عامر ( صيدلانية ) بان التداوي بالمواد العشبية تحمل معها مخاطر صحية، إذا لم يتم وصفها بواسطة متخصص أو لم يتم إستخدامها بالطريقة الصحيحة، نتيجة لاختلاف أسماء النباتات من بلد إلى آخر، أو التشابه بين الأعشاب في اللون والرائحة والطعم والخوف من إستخدام مواد عشبية قديمة مضى وقت طويل على حصادها أو سوء تخزينها وتعرضها لنسب رطوبة وحرارة عالية، ما يساعد على نمو الحشرات والفطريات والبكتيريا التي تفرز مواد ذات خطورة صحية عالية جداً على صحة متعاطيها، بينما نشاهد أن هؤلاء الزبائن الدائميين لهذ المحال لا يرغبون زيارة الصيدليات التي لها معرفة تامة بالامراض والعلاجات اللازمة لهم بداعي إرتفاع الاسعار وهم لا يعلمون عندما يستخدمون علاجات خاطئة ربما ستجعلهم يدفعون ضعف ما يعطوه لهؤلاء المخاعدين العشابة .
كلمة لابد منها
منذ مدة ليست بالقصيرة، شهد طب الأعشاب إقبالاً شعبياً من قبل كثير من المواطنين بصورة كبيرة، نظراً لقلة تكاليفه قياساً لكشفيات الاطباء المرتفعة، ويبدو أن بعض العطارين بعد أن وجدوا هذا الامر، قاموا بتغيير جلدهم وتغيير نشاط محالهم إلى نشاط صيدلي في تدخل سافر بمهام غيرهم من دون إستئذان، فمنهم من يقوم بخلط الأعشاب وطحنها ووضعها في كبسولات وتعبئتها في أكياس، كي تعطى الى المرضى، مدعين أنها أعشاب شافية لمختلف الأمراض، وغيرهم يعطون العلاجات من دون معرفة تامة سوى جنى بعض المال من الزبائن، وذلك يعتبر مخالفة صريحة وإستهانة بارواح الناس، لهذا وجب على الجهات المختصة أتخاذ الإجراءات اللازمة بحق من يخالف شروط الصحة العامة، على أن تتضمن العقوبات غلق محالهم ومصادرة أغراضه وحبسهم حسب نوع المخالفة .
مقالات اخرى للكاتب