مع بداية كل شتوية ومع اول مطرة, يعاني مواطنونا من غرق شوارع المدن, وتسلل مياه الامطار الى بيوتهم وغمرها لممتلكاتهم مع حالات غرق بعضهم او تعرض بعضهم الآخر الى صعقات كهربائية, وكل ذلك مرتبط برباط مقدس بالفساد وثمرته سوء الخدمات المزمن.
واذا كان للسيد نعيم عبعوب امين عاصمة بغداد السابق صخرته التي تحجج بها لأنسداد مجاري بغداد في الشتاء الماضي, بسبب مؤامرة دنيئة ضده. فأنه ليس لمسؤولي امانة العاصمة الحاليين وفي مقدمتهم السيدة ذكرى علوش امينة العاصمة الجديدة من حجة اكثر وجاهةً من حجة سلفها...خصوصاً بعد ان اكدت بأن الامانة واجهزتها متهيأة للامر. ولكن خيبة الأمل كانت كبيرة بسبب المفاجأة المناخية التي جاءت بعكس تأكيدات مسؤولي الأمانة وما تأمل المواطن, وكشفت استمرار دوامة الأختناقات الجدية .
لا يكمن الحل في تحميل فرد معين بشخصه وان كان امين العاصمة سوء الحال بكامله. فأصابع الاتهام يجب ان تتوجه الى المحاصصة, الام الحانية على الفساد والفاسدين, والتي تجعل من اختيار الشخص المناسب في المكان المناسب متعذراً. فلو كان الاختيار الوظيفي يجري على اساس الكفاءة والنزاهة والوطنية لجرى حل المشكلة, من زمان, ببناء شبكة مجاري ذات مواصفات تصميمة عالمية تستوعب حتى الغير متوقع من السيول ومكائن سحب بقدرات عالية ومحطات معاملة المياه الثقيلة, بمقاولات لشركات عالمية رصينة, ولتسنى لنا تجاوز هذه الازمات المتتالية وتلافي سقوط الضحايا نتيجة هذه العواصف والسيول وطفح المجاري.
ومادامت المشكلة باقية على حالها دون حل, وتشمل كل محافظات البلاد بسبب الفساد , فأن ذلك سيؤدي بالضرورة الى بلوغ السيل الزُبى لدى المواطن ضد الفاسدين, ووصول الامور الى ما لايُحمد عقباها.
واذا كان لمثل" بلغ السيل الزُبى" معناه المجازي فأن لتجسده الحرفي الحقيقي كان له ترجمة مأساوية في مناطق عديدة غمرت فيها الامطار خيم ومراكز تجمعات المهجرين الهاربين من بطش ارهابيي داعش, وجرف السيول لطفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات اضافة الى تهدم بيوت على رؤوس ساكنيها واحتمال جرف السيول لألغام من مخلفات الحرب العراقية الايرانية وتهديدها لحياة مواطنين في اطراف اخرى من العراق.
لذا فأن العجز المتأصل لاتتحمله التقلبات المناخية المفاجئة التي تناكف مسؤولي الامانة وتتآمر على النخبة الحاكمة, التي تراقب غرق بغداد والمدن الاخرى عن كثب من وراء نوافذ فيللها, وانما فساد هذه النخبة المستكلبة على جني الغنائم, الذي أدى الى هذا الوضع المزري من هزال الخدمات, حتى اصبح المواطن العراقي يتجنب ترديد رائعة الكبير السياب" انشودة المطر" تحت الانهمار المتواصل للمطر الذي يغرق مسكنه... الذي يؤدي الى ان " تستفيق ملء روحه رعشة البكاء ".
ذهبت تلك الايام الذي كان هطول الامطارفيها يعتبر بشرى خير, بينما اصبحت بسبب سياسات الفاسدين والفاشلين نقمة, لايتمناها المشرد والفقير وعمال الأمانة.
مقالات اخرى للكاتب