Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
فقهاء الحكام وفقهاء العوام (10) فقهاء الحكام في العصر الإسلامي الوسيط : الماوردي وابن خلدون نموذجا.. بفلم/ السيد عصام احميدان الادريسي
السبت, آذار 1, 2014

 

                               






العراق تايمز: كتب السيد عصام احميدان الإدريسي...

ثانيا : فقهاء الحكام في العصر الإسلامي الوسيط : الماوردي وابن خلدون نموذجا :

إن فقهاء الحكام ظاهرة مستمرة في الزمان والمكان بتغير الأشخاص والأحوال ، فكل تلك الأمور متغيرات لكن الثابت فيها هو منطق واحد يحكم فقيه السلطان ، الذي يبحث دائما عن المجال المناسب لبيع عمله لمن يشتري من حكام عصره ، وكي يصبح الدين أداة لابتلاع الدنيا وأهلها ،  لا أداة لتغييرها وممارسة الاستخلاف عليها وخدمة الناس .

إننا عندما ننتقل إلى العصر الإسلامي الوسيط ، نجد العديد من الفقهاء والعلماء الذين سخروا علمهم للحكام ، لكن أشهر أولئك بحسب ما أعتقد : الماوردي وابن خلدون ، لذلك ارتأيت أن أتطرق للحديث عن هذين النموذجين ، للوقوف على خلفياتهما وأفكارهما .

سأتطرق بداية لأبي الحسن الماوردي (أ) لأنه عاش في فترة نهاية الدولة العباسية وفي عهد الدولة البويهية (364 - 450 هـ / 974 - 1058 م) ، وهي فترة متقدمة عن الفترة التي عاصرها الفقيه والمؤرخ عبد الرحمن ابن خلدون (ب)  وهي فترة الدولة المرينية وقد ولد بتونس  عام  ( 732 هجرية الموافق 1332 م) و توفي بمصر سنة 1406 م .

(أ‌)   - فقهاء الحكام في العصر الإسلامي الوسيط : الماوردي نموذجا :

الماوردي هو :  أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي من أشهر فقهاء الحكام  وهو  من وجوه فقهاء الشافعية وإمام في الفقه والأصول والتفسير، وبصير بالعربية. كان من رجال السياسة البارزين في الدولة العباسية وخصوصًا في مرحلتها المتأخرة.

نشأ الماوردي بالبصرة، وتعلّم وسمع الحديث من جماعة من العلماء، وتولى القضاء في كورة (أستوا) من ناحية نيسابور، ولقب بأقضى القضاة عام 429هـ. تألق نجم الماوردي عند عودته إلى بغداد وقيامه بالتدريس، ولكن نجمه السياسي برز عندما عمل سفيرًا بين رجالات الدولة في بغداد وبني بويه في الفترة بين عامي 381 و 422هـ، لحل الخلافات الناشبة بين أقطار الدولة العباسية.

اشتهر الماوردي بكثرة التأليف وغزارة الإنتاج، ولكن لم يصل إلينا من مؤلفاته إلا القليل. ويمكن تصنيف مؤلفاته في مجموعات دينية ولغوية وأدبية وسياسية واجتماعية. ومن أبرزها: أدب الدنيا والدين ،  أعلام النبوة ،  الحاوي الكبير، الإقناع وهو مختصر لكتاب الحاوي الكبير..ومن أشهر كتبه في مجال السياسة : قوانين الوزارة وسياسة الملك، نصيحة الملوك؛ تسهيل النظر وتعجيل الظفر، الأحكام السلطانية الذي يُعد من أشهر ما كتب الماوردي .

وقد قدم الماوردي كتابه الشهير (الأحكام السلطانية) بقوله (فَإِنَّ اللَّهَ جَلَّتْ قُدْرَتُهُ نَدَبَ لِلْأُمَّةِ زَعِيمًا خَلَفَ بِهِ النُّبُوَّةَ , وَحَاطَ بِهِ الْمِلَّةَ , وَفَوَّضَ إلَيْهِ السِّيَاسَةَ , لِيَصْدُرَ التَّدْبِيرُ عَنْ دِينٍ مَشْرُوعٍ , وَتَجْتَمِعَ الْكَلِمَةُ عَلَى رَأْيٍ مَتْبُوعٍ فَكَانَتْ الْإِمَامَةُ أَصْلًا عَلَيْهِ اسْتَقَرَّتْ قَوَاعِدُ الْمِلَّةِ , وَانْتَظَمَتْ بِهِ مَصَالِحُ الْأُمَّةِ حَتَّى اسْتَثْبَتَتْ بِهَا الْأُمُورُ الْعَامَّةُ , وَصَدَرَتْ عَنْهَا الْوِلَايَاتُ  الْخَاصَّةُ , فَلَزِمَ تَقْدِيمُ حُكْمِهَا عَلَى كُلِّ حُكْمٍ سُلْطَانِيٍّ , وَوَجَبَ ذِكْرُ مَا اخْتَصَّ بِنَظَرِهَا عَلَى كُلِّ نَظَرٍ دِينِيٍّ , لِتَرْتِيبِ أَحْكَامِ الْوِلَايَاتِ عَلَى نَسَقٍ مُتَنَاسِبِ الْأَقْسَامِ , مُتَشَاكِلِ الْأَحْكَامِ . وَاَلَّذِي تَضَمَّنَهُ هَذَا الْكِتَابُ مِنْ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَالْوِلَايَاتِ الدِّينِيَّةِ ) .

فالماوردي بهذا التقديم جعل منصب الخلافة أمرا إلهيا بقوله ( الله جلت قدرته ندب للأمة زعيما خلف به النبوة ) ، وسيأتي بيان كيفية الجعل لهذا المنصب في فقرات لاحقة من الكتاب ، كما أن الماوردي جعل الخلافة منصبا عاما للزعامة الدينية والدنيوية ، فصار الخليفة بهذا الاعتبار جامعا للسلطتين الدينية والزمنية لقوله ( الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ) وأيضا لقوله  (حاط به الملة وفوض إليه السياسة ..) وأيضا لقوله ( ليصدر التدبير عن دين مشروع ..) .

إن الماوردي اعتبار الإمامة هي اجتماع أمرين في شخص الخليفة ( حراسة الدين)و(سياسة الدنيا ) ، وهو حين يعتبر الخليفة جامعا للسلطتين الدينية والزمنية يكون قد ساوى بين مقام(الخلافة) ومقام (الإمامة) ، رغم أن ذلك يظل محل نقاش عميق واختلاف كبير بين المدارس الكلامية المختلفة .

من المعلوم أن توسعة مفهوم الخلافة لتشمل السلطتين الدينية والزمنية لا تخلو من محاذير ، لأن الخليفة بهذا اللحاظ يكون صاحب أخطر منصب في البناء الاجتماعي والسياسي ، وأي خلل قد يصيب رأس الهرم من شأنه أن ينعكس سلبا على كامل البناء ..لذلك كان من المفروض تقييد تسلم هذا المنصب بشرائط وقيود كثيرة لضمان الاستقامة والعدل في الخليفة ومنع تحول الحكم إلى غنيمة ، غير أن الماوردي في كتابه المذكور جعل الانتقال إلى الخلافة بطريقين : اختيار أهل الخبرة وبولاية العهد من الخليفة السابق .

فأما عن أهل الخبرة ، فإن الماوردي استعرض الآراء الفقهية فيهم قائلا : (فَأَمَّا انْعِقَادُهَا بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ , فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عَدَدِ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ الْإِمَامَةُ مِنْهُمْ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى ; فَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِجُمْهُورِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ لِيَكُونَ الرِّضَاءُ بِهِ عَامًّا وَالتَّسْلِيمُ لِإِمَامَتِهِ إجْمَاعًا , وَهَذَا مَذْهَبٌ مَدْفُوعٌ بِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه عَلَى الْخِلَافَةِ بِاخْتِيَارِ مَنْ حَضَرَهَا وَلَمْ يَنْتَظِرْ بِبَيْعَتِهِ قُدُومَ غَائِبٍ عَنْهَا . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : أَقَلُّ مَنْ تَنْعَقِدُ بِهِ مِنْهُمْ الْإِمَامَةُ خَمْسَةٌ يَجْتَمِعُونَ عَلَى عَقْدِهَا أَوْ يَعْقِدُهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الْأَرْبَعَةِ اسْتِدْلَالًا بِأَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه انْعَقَدَتْ بِخَمْسَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَيْهَا ثُمَّ تَابَعَهُمْ النَّاسُ فِيهَا , وَهُمْ : عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَأُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَبِشْرُ بْنُ سَعْدٍ وَسَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ رضي الله عنهم وَالثَّانِي عُمَرُ رضي الله عنه جَعَلَ الشُّورَى فِي سِتَّةٍ لِيُعْقَدَ لِأَحَدِهِمْ بِرِضَا الْخَمْسَةِ , وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ : تَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةٍ يَتَوَلَّاهَا أَحَدُهُمْ بِرِضَا الِاثْنَيْنِ لِيَكُونُوا حَاكِمًا وَشَاهِدَيْنِ كَمَا يَصِحُّ عَقْدُ النِّكَاحِ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى : تَنْعَقِدُ بِوَاحِدٍ , لِأَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ لِعَلِيٍّ رضوان الله عليهما اُمْدُدْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَيَقُولُ النَّاسُ : عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَايَعَ ابْنَ عَمِّهِ فَلَا يَخْتَلِفُ عَلَيْكَ اثْنَانِ , وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ وَحُكْمُ وَاحِدٍ نَافِذٌ ) .

فالماوردي دفع الرأي الفقهي القائل بأن ( انعقاد البيعة لا تتم إلا بجمهور أهل الحل والعقد في كل بلد ليكون به الرضاء عاما والتسليم لإمامته إجماعا ) استنادا إلى التجربة التاريخية للحكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وخاصة بيعة أبي بكر الذي لم يبايعه بالخلافة في البداية إلا خمس رجال ( عمر بن الخطاب ، أبو عبيدة الجراح ، أسيد بن خضير ، بشر بن سعد ، سالم مولى أبي حذيفة ) ، وهو بذلك يتجاهل مقالة عمر بن الخطاب نفسه في بيعة أبي بكر إذ أخرج البخاري في صحيحه (صحيح البخاري 8 / 210 الحدود )  ، وأحمد بن حنبل  في مسنده (مسند أحمد بن حنبل 1 / 323 ح 391 )  والحميدي (الجمع بن الصحيحين للحميدي 1 / 104)  والموصلي في الجمع بين الصحيحين (الجمع بين الصحيحين للموصلي 1 / 260)  وابن أبي شيبة في المصنف (المصنف 7 / 431 ح 37031 ، 37032 ) وغيرهم عن ابن عباس في حديث طويل سمي  بحديث السقيفة ، قال فيه عمر : إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ، ألا وإنها قد كانت كذلك ، ولكن الله وقى شرها .. من بايع رجلا عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا  ) .

وفي رواية أخرى :  ( ألا إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ، وقى الله المؤمنين شرها ، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ) ،  وذكر هذا الحديث أيضا : السيوطي في تاريخ الخلفاء ، وابن كثير في البداية والنهاية ، وابن هشام في السيرة النبوية ، وابن الأثير في الكامل ، والطبري في الرياض النضرة ، والدهلوي في مختصر التحفة الاثني عشرية ، وغيرهم (تاريخ الخلفاء ، ص 51 ، البداية والنهاية 5 / 215 ، السيرة النبوية 4 / 657 ، الكامل في التاريخ 2 / 326 ، الرياض النضرة 1 / 233 ،  مختصر التحفة الاثني عشرية ، ص 243 ).

إن المرجعية التاريخية التي اعتبرها الماوردي حجة في دفع الرأي الفقهي القائل بوجوب كون أهل الخبرة من الجمهور في كل بلد لم تكن محل إجماع حتى بين كبار الصحابة ولم تكن مقنعة حتى للخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي اعترف بشكل صريح بأن الطريقة التي تمت بها عملية الانتقال إلى الحكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله كانت سريعة ومفتقدة للشورى ، واعتبر أن الشورى ضرورية في الحكم إلى حد أنه أوجب قتل الخليفة المتولي أمر الأمة بغير مشورتها  ..وبغض النظر عن مناقشة إن كانت تولية الخليفة الأول للثاني مستوفية للشرط الشوري أم لا ، إلا أن القدر المتيقن من كلام الخليفة الثاني مناف لما ذهب له الماوردي .

لقد مال الماوردي لقول علماء البصرة القائلين بأن أقل أهل الخبرة الذين تنعقد بهم الخلافة ( خمسة ) ، واستعرض قول بعض علماء الكوفة بأنها تنعقد ب ( ثلاثة) ، كما قيل ب ( واحد) ..مما يعني أن أخطر موضوع في البناء الاجتماعي والسياسي الإسلاميين أصبح يتأسس باختيار بعض الأفراد ، مما يفتح الباب واسعا أمام الفوضى لسهولة الانقضاض على الحكم من قبل أي جماعة من الجماعات الطامحة للسلطة .

هذا من جهة انعقاد الخلافة أو الإمامة باختيار أهل الحل والعقد ، أما فيما يخص انعقادها بعهد من الخليفة السابق فقد قال الماوردي : ( ..وَأَمَّا انْعِقَادُ الْإِمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا :

 أَحَدُهُمَا : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ .

وَالثَّانِي : أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه عَهِدَ بِهَا إلَى أَهْلِ الشُّورَى فَقَبِلَتْ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْ فِيهَا وَهُمْ أَعْيَانُ الْعَصْرِ اعْتِقَادًا لِصِحَّةِ الْعَهْدِ بِهَا وَخَرَجَ بَاقِي الصَّحَابَةِ مِنْهَا ..) .

إن الماوردي في تأصيله لنظرية الحكم في الإسلام لم يستدل بأي نص من القرآن أو سنة النبي صلى الله عليه وآله ، واكتفى بالاستناد إلى الوقائع التاريخية التي جرت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله ، علما أن تلك التجربة التاريخية لا تملك القدسية والإلزام للمسلمين ، بل إن أولئك الخلفاء اختلفوا في طريقة انتقالهم للحكم ، ولم يكونوا محل توافق في هذا الخصوص ، مما يعني أن الأمر دار في دائرة الاجتهاد الدنيوي الخارج عن توجيه النص الديني ،  لكن مع مرور الوقت صار ذلك الاجتهاد مصدرا للشرعية الدينية للحكام .

يستمر الماوردي في إزاحة الشروط والقيود من أمام حكام عصره ، قائلا في كتابه(الأحكام السلطانية ) : (فَذَهَبَ بَعْضُ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إلَى أَنَّ رِضَا أَهْلِ الِاخْتِيَارِ لِبَيْعَتِهِ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا لِلْأُمَّةِ ; لِأَنَّهَا حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِهِمْ فَلَمْ تَلْزَمْهُمْ إلَّا بِرِضَا أَهْلِ الِاخْتِيَارِ مِنْهُمْ . وَالصَّحِيحُ أَنَّ بَيْعَتَهُ مُنْعَقِدَةٌ وَأَنَّ الرِّضَا بِهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، لِأَنَّ بَيْعَةَ عُمَرَ رضي الله عنه لَمْ تَتَوَقَّفْ عَلَى رِضَا الصَّحَابَةِ ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ أَحَقُّ بِهَا فَكَانَ اخْتِيَارُهُ فِيهَا أَمْضَى ، وَقَوْلُهُ فِيهَا أَنْفَذَ ) .

إن الماوردي بهذا الاعتبار يكون قد صحح بيعة من لا يرضى به أهل الشورى معتبرا أن حجته في ذلك أن بيعة عمر بن الخطاب لم تتوقف صحتها على قبول ورضى الصحابة ، فعهد الخليفة الأول للثاني ، مما يسمح بأن يعهد كل حاكم لآخر بالحكم دون رضى الأمة ولا أهل الحل والعقد فيها ، وهو أمر يصب في مصلحة الحاكم الذي يرغب في أن يدبر أمور الحكم بنفسه بعيدا عن الأمة ونخبها .

عن الماوردي يقول المستشرق رونثال ( إن الفضل يعود إلى الماوردي في تأسيس نظرية الضرورة في الواقع السياسي) وهي ذات النظرية التي تبناها من بعده كل من الغزالي وابن جماعة ، وهي تسويغ ديني للاستبداد السياسي عرفت ب "ولاية المتغلب" .

 وأما المستشرق  "جيب" فقد اعتبر  أن الماوردي من خلال كتابه ( الأحكام السلطانية) (وضع في كتابه هذا منهجا عمليا لكيفية استمرارية الخلافة وتبرير واقعها الذي آلت إليه تحت يد البويهيين دون أن يؤدي ذلك إلى زوال شرعية الخلافة، كما أنه وضع التبرير الشرعي لقيام إمارة الاستيلاء التي تجاهلها كثير من الفقهاء الذين كتبوا في الإمامة قبل الماوردي ) .

وختاما يعلق الشيخ الدكتور جمال قطب على فقهاء الحكام من أمثال الماوردي وأبي يعلى الفراء وغيرهما قائلا : (كتب الفقيه أبو يعلى الفراء فى كتابه «الأحكام السلطانية» ما رواه عن ابن حنبل من قوله (ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمى أمير المؤمنين فلا يحل لمؤمن إلا الرضى الله عنها بهذا المتغلب) كذلك بالغ الفقهاء فى إقرار هذا الأسلوب فقالوا: وإمارة التغلب جائزة حتى ولو كان المتغلب فاسقا أو جاهلا، ومما يحير العقول أيضا قول بعضهم: بل لو تغلبت إمرأة فاستولت على السلطة لأصبحت خليفة، ووجه العجب هنا أن هؤلاء البعض يمنعون ولاية المرأة إذا جاءت من طريق مشروع! وهم يجيزون ولاية المرأة إذا تغلبت! فهل تتسع أصول الشريعة لمثل هذه المفارقة؟! وحينما أتعجب لما ينسبوه للإمام أحمد بن حنبل فسبب تعجبى أن الرجل (رضى الله عنه) رفض مجرد القول بأن «القرآن مخلوق»، وتصدى للمعتزلة والسلطات معها و طاله عذاب شديد، ثم ينسب إليه رضى الله عنه بالقهر والتغلب كوسيلة لولاية السلطة، فانظر عمق ودقة فقه الاعتقاد وحقوق الإلوهية، وقارن بذلك عدم الدقة فى الفقه السياسى ) ( جمال قطب ، طرق الخلافة.. إمارة التغلب والقهر (3ــ3) ، موقع الشروق ، الثلاثاء 31 يوليو 2012 ) .

 

* السيد عصام احميدان الادريسي الحسني

 

- معتمد ووكيل سابق للمرجع الرسالي السيد محمد حسين فضل الله (رض) بالمغرب .

 

- حاصل على بكالوريوس القانون العام شعبة العلاقات الدولية من كلية الحقوق بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، المغرب .

 

- بصدد إعداد رسالة الماجستير في القانون والعلوم الإدارية للتنمية بكلية الحقوق بطنجة ، جامعة عبد الملك السعدي، المغرب .

 

ـ عضو مؤسس للخط الرسالي بالمغرب.

 

- كاتب للعديد من المقالات في صحف مغربية وعربية .

 

اقرأ ايضاً

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.45834
Total : 100