المياه هي شريان الحياة و لا يمكن ان ننكر دورها في بناء الامم و الحضارات فعلى ضفاف الانهار و سواحل البحيرات شهدت الحياة البشرية نموها و تطورها و لكن في أحيان كثيرة تتحول هذه النعمة الالهية العظيمة الى نقمة لأهلها و في سبيل تنظيم هذا المورد الهام عقدت الاتفاقيات و المؤتمرات الدولية و غالباً ما تشير العديد من الدراسات ان الحرب القادمة ستكون على المياه لذا فإن الدول تتسارع في سبيل تأمين أكبر قدر منها كجزء من أمنها القومي و في أحيان كثيرة باتت مشاكل المياه تطفو على السطح و تسبب في تدهور العلاقات الدولية و ربما يكون وسيلة ضغط لدولة على أخرى و الحديث عنها تطول .
سد الموصل الذي شيد لأهداف سياسية أكثر من مرامها الاقتصادية و التنموية في العراق حيث ببناءها غمرت اراضي شاسعة و قرى كوردية عديدة تحت المياه بل أصبحت الفاصل بين المنطقة الكوردية شرق و غرب نهر دجلة و عملت الحكومة العراقية في ذات الحين فعلتها بتعريب الجانب الغربي منها و أنكرت الهوية القومية الكوردية لعشائر تلك المنطقة و منذ بناءها تتسرب الاخبار بأن السد تحتاج الى صيانة مستمرة لوجود تصدعات في جدارها الساند و تنتشر الانباء بقرب أنهيارها و عند ذلك سيكون الطامة الكبرى حيث يرتفع منسوب المياه و يشكل فيضاناً عاماً و يهدد بقاء المدن و القرى الواقعة في ضفاف النهر و تدمر الاخضر و اليابس بل تؤدي الى تغير في طوبغرافية المنطقة لشدة التيار و أرتفاعه و كانت الحكومة تتستر على ذلك و تحاول أنكارها ...
و في الفترة القصيرة السابقة نشرت وسائل الاعلام المختلفة الدراسات التي اجرتها المنظمات الدولية حول حجم الدمار الذي سيخلفه أنهيار سد الموصل و خاصةً منظمة الامم المتحدة ناهيك عن مراكز الدراسات الاخرى التي تناولت الموضوع من جوانب مختلفة (سياسية – اقتصادية ...) و النقطة المشتركة بين كل هذه الدراسات ان انهيار سد الموصل سيشكل خسارة كبيرة (بشرية و مادية) للعراق و أثارها ستستمر لعقود طويلة ... و أخيراً جاءت الحكومة العراقية على الخط و أعلنت قبل أيام تعليمات خاصة عند أنهيار السد بضرورة أخلاء المدن و القرى الواقعة على طول نهر دجلة وهذا مؤشر لايمكن الاستهانة بها لأن هذه التعليمات جاءت بعد زيارة وفد من وزارة الموارد المائية العراقية الى السد بعدما تم الاتفاق مع شركة ايطالية لصيانة السد و لكن نرى بأن وراء هذه التصريحات و أصدار التعليمات في هذا الوقت اهداف أخرى و هي أهداف أمنية و سياسية للأسباب التالية :-
ان السد منذ بناءها تتصدع جدرانها ولكن الصيانه مستمرة وان الشركة الايطالية التي تمت الاتفاق معها لصيانة السد ذات خبرة في هذا المجال و كانت الحكومة تنفي الانباء عن انهيارها و تقلل من اهمية الموضوع .
كانت سد الموصل من ضمن المنطقة التي سيطرت عليها (داعش) عند سقوط مدينة الموصل في الشهر السادس من عام 2014 و لم تتقدم هذه الجماعة الارهابية الى تفجير السد و أحداث أكبر ضرر في المنطقة و التي هي من أهدافها .
ان السد تحت سيطرة (البشمةركة) الذين دافعوا عنها بكل بسالة و شجاعة و تستطيع فرق الصيانة القيام بعملها و أنقاذ السد من الانهيار المحتمل .
و نرى ان قرب تحرير الموصل و الاستعدادات الجارية من كل الجوانب لأجل القضاء على داعش في هذه المدينة و ضرورة قيام انتفاضة جماهيرية داخل الموصل ضد هذه الجماعة الارهابية و كذلك رفض السنة بشكل عام و أهالي الموصل و حكومتها المحلية من مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحريرها لتداعيات سياسية و مذهبية متعددة و ضعف القوات العسكرية العراقية مقارنة بشجاعة البيشمةركة و الحشد الشعبي الذين قهروا داعش كلها أسباب و أسباب أخرى وراء الاعلان عن قرب أنهيار هذا السد العظيم الذي يشكل ثروة اقتصادية و سياسية كبيرة للمنطقة برمتها و يكون أطلاق هذه التصريحات ورقة ضغط بيد الحكومة لأرغام أهالي الموصل و حكومتها للرضوخ لتعليماتها و تنفيذ مأربها و من جانب أخر لأخراج اكبر عدد من الدواعش تمهيداً لتحريرها .
مقالات اخرى للكاتب