كثير من الرجال الذين سجل أسماءهم التاريخ بحروف من نور وبقوا في ذاكرة التاريخ والناس , صنعوا لشعوبهم المجد وكانوا بحق رجال الضرورة التاريخية الذين أنقذوا بلدانهم وشعوبهم في فترة حرجة من تاريخها وعبروا ببلدانهم وشعوبهم إلى بر الأمان . ان لكل فترة حرجة من تاريخ أي بلد , لا بد من وجود رجل مناسب تتصف به الصفات القيادية والحنكة والشجاعة والذكاء وقراءة الواقع بشكل ايجابي وإيجاد الحلول لكل مشكلة تواجه البلد غير أهب بكل الظروف التي تحيط به , رجل لا يعرف المستحيل ولا يخاف لومة لائم في الحق, لديه أفق واسع في مجال السياسة وقيادة الجماهير الواسعة وتحدي كل الصعاب , ولا تقف في وجهه اي قوة من شأنها ان تقف إمام طموحه في إصلاح البلاد وإنقاذ العباد رغم كل ما تحيط به من مخاطر وتحديات مهما كان نوعها , وان تكون قراراته جريئة وفعالة تودي أوكلها .والعراق اليوم يمر بأزمة خانقة وفي موقف لا يحسد عليه , فالواقع للبلد يبدو مخيف من خلال عدم الاستقرار وتدهور الاقتصاد وتردي الخدمات وتذمر الشعب وأزمة المهجرين وخراب المدن المحررة وحرب داعش وانخفاض أسعار النفط وعدم استقرار الآمن , وانتشار الفساد في كل مفاصل الحكومة , ان البلد يسير في الطريق غير الصحيح منذ التغير 2003 , على الرغم من ان الحكومات التي قادت البلد خلال هذا العقد تسير تحت يافطة الديمقراطية , فكثير من عيوب النظام الجديد وإفرازاته السيئة ساهمت هي في إحداثها ومنها المحاصصة وحالة الفساد وتردي الأداء الحكومي في كل المجالات , كالتعليم والخدمات والصناعة والزراعة وفرص العمل والاستثمار وحقوق الإنسان , إلا ان هذه العيوب لم يكتو الشعب بنيرانها بشكل واضح ومباشر إلا بعد انخفاض أسعار النفط وتدهور الاقتصاد وعجز الحكومة في واقعها الحالي بإيجاد البدائل وإنقاذ البلاد والعباد من هذه الأزمة الحالية الخانقة , على الحكومة المرتقبة ان تتخذ إجراءات حقيقة لا شكلية في معالجة الأزمة المتفاقمة من القضاء على الفساد ورسم برنامج اقتصادي واضح وسليم مصحوب بحزمة قرارات وقوانين لتنشيط الجانب الصناعي والزراعي والنقل والسياحة ونظام الضرائب وتشجيع الاستثمار وسيطرة على التجارة وتطبيق المعاير والمقاييس الفنية لحماية المستهلك والوقوف بحزم امام الأشخاص والمجموعات التي تعيق تلك الإصلاحات والضرب على رأسها بيد من حديد بضمنهم العناصر الفاسدة والسارقة والمتنفذة من خلال كتلها السياسية ونفوذها , وفرض القانون والعدالة , وإطلاق وتشجيع الصحافة الحرة , وبناء الحكومة على أسس الاستحقاقات المهنية والكفاءة والحرص والمصداقية بعيدا عن محاصصة الأحزاب , وحتى الرجوع إلى قانون الخدمة الإلزامية اذا دعت الضرورة ,ان التاريخ اليوم يعطي فرصة كبيرة وذهبية للسيد العبادي ولم يمنحها لغيره وهو يمتلك اكبر منصب تنفيذي في الحكومة العراقية , عليه ان يكون رجل هذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق , وان يأخذ دوره التاريخي والأخلاقي بالسير بالعراق الى طريق الأمان , طريق يحقق للشعب حياة أمنة مستقر بعد أن فقد الأمل لما تحيط به من ظروف صعبة من حالة البطالة ونقص الخدمات وحالة المرض والتهجير وعدم الاستقرار والإرهاب وانخفاض مستوى المعيشة وتدني الانتاج وأزمة السكن ..الخ .

ولكي يكون رجل المرحلة ولينصفه التاريخ والشعب علية ان يتصف بصفات هذا الرجل من حنكة وشجاعة وقوة ونكران ذات وان يجعل أمام عينيه مصلحة البلد والشعب دون الالتفات إلى سماع أصوات المعارضة المحيطة به التي سوف تتضرر مصالحها من جرار هذه الإصلاحات المرتقبة , وان تكون قراءة الواقع السياسي من قبله ومراكز القوى المحيطة به صحيحة حتى ولو استعان باستشارة أشخاص موثوق بهم من يملكون الخبرة والدراية والحس الوطني لمساعدته باتخاذ القرار السليم , وان يضمن القوة الضاربة المنضبطة والمهنية لصالحه في تحقيق تنفيذ أجراءته التي يتخذها ومحاسبة كل من يعرقل تنفيذها .ان هذه المهمة ليست سهلة بالنهوض بالبلد ضمن هذا الواقع الصعب والمرير إلى بر الأمان , وضمن وجود قوى وأحزاب مختلفة تمتلك كل مقومات القوة من مال وبعضها يمتلك مليشيات وشخصيات قيادية في الجيش والشرطة وبعضها لها حكم شبه مستقل في الإقليم الكردي , ونفوذ في كل مفاصل الدولة الأخرى ولكن ليس من الصعب تحييد تلك القوى وإيقاف تأثيرها على تلك الإجراءات ان وجدت الإرادة الصلبة . ومن هنا يأتي مفهوم الضرورة للقيادة , فهي قيادة غير عادية لا تحكم في ظروف عادية , وانما هي قيادة ذات حنكة سياسية وشجاعة وذكاء في اتخاذ القرارات ووطنية بامتياز , دون ان تكون أهبة بالمخاطر وان تكون لها الثقة الكبيرة في حسم الأمور لصالح الشعب ولجم كل القوى المعارضة التي يحدث الإصلاح ضررا في مصالحها , وتستطيع كسب التأيد الجماهيري والمرجعية الدينية من خلال أجراءتها وبرامجها الإصلاحية , وان تقدم كل السارقين والذين عبثوا بمقدرات الشعب للقضاء , وتصحيح المسيرة ورفع كل معوقاتها ,والعمل بكل الاتجاهات بشكل متوازي دون كلل او ملل .

وعلى السيد العبادي ان لا تفوته هذه الفرصة التاريخية الثمينة , وان يكون رجل المرحلة بحق وان تصحح مسيرة العراق على يديه وان يدخل التاريخ من أوسع أبوابه , فهذه الفرصة ليس بعيدة عنه وهو على قمة الهرم الحكومي ويملك مؤهلات مهنية ورجل متفتح ويملك الشجاعة بالتأكيد , لان الرجل دخل السياسة معارضا منذ شبابه في فترة قاسية وصعبة أيام حكم البعث ولكن تنقصه الإرادة والتخلي عن مصلحته الفئوية , عليه ان يتخلى عن دائرته الضيقة المتعلقة بحزب الدعوة , وينضم إلى دائرة الشعب الكبيرة ليكون راعياً لمصلحة كل أبناء الشعب العراقي على اختلاف طوائفهم ومللهم وقومياتهم ليحقق التفافهم حوله ويحقق مهام المرحلة على يديه بإنقاذ العراق في هذه المرحلة الصعبة, حيث تحيط بالعراق المخاطر من كل جانب , ليكون السيد العبادي رجلاً مهماً في التاريخ لا يقل أهمية عن أتاتورك في تركيا , او غاندي في الهند , اونيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا , او تيتو في يوغسلافيا , او السيسيي في مصر , وان يكون بعد قاسم في التسلسل في العراق وان تُفتح على يديه أبواب الخير والأمان للعراقيين وان يعيشوا فترة ذهبية بعيدا عن المآسي والويلات وان يعيش العراقيون إخوة متحابين تحت راية العراق وان تُتاح لهم فرصة بناء بلدهم العريق , وينسون أيام الحزن والدمار والتهميش والظلم والقهر فهم يستحقون الحياة الكريمة أكثر من غيرهم .