المرتد في القرآن الكريم :
إن القرآن الكريم كتاب الله الأشهر والذي هو كتاب لا ريب فيه هدى للمتقين وبيان للناس وبينات من الهدى والفرقان أٌنزل كي يحق الحق ويبطل الباطل فهو الفرقان بين الحق والباطل وبين اليقين والشك وبين الهداية والزيغ لذلك فصل الله تعالى فيه كل شيء وما فرط في أمر من أمور الدين وكان كتابا قطعي الدلالة نصا ورسما فقال الله تعالى عنه { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ }الأنعام38 ولذلك ضم الايات العقائدية والتوحيد وايات الاسماء والصفات والعبادة والقصاص وكل أمر يحتاجه المسلم في امور دينه وترك أمر التفصيل الى السنة في بعض الامور وبالتالي فان السنة النبوية هي المفسرة للقرآن الكريم لا حكما عليه بل ان السنة النبوية تنضبط بالقرآن الكريم وتنتهج نهجه فالنبي عليه الصلاة والسلام كان قرآنا يمشي على الأرض وقد كان خلقه القرآن , والسنة النبوية كما نعلم هي تطبيق النبي للقرآن الكريم لذلك قال الله تعالى في كتابه الكريم { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً }المائدة48 فالشرعة هي القرآن والنهج هو الرسول اي السنة النبوية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخالف السنة القرآن الكريم ولا يمكن ان تضيف الى القرآن الكريم ما ليس فيه فهذا هو الشطط بعينه والعياذ بالله تعالى وأتهام مبطن للقرآن بالنقص الذي عالجته السنة .
ان القرآن الكريم تضمن آيات للقصاص وإقامة الحدود على كثير من الجرائم والمخالفات من القتل الى السرقة الى الزنى الى الخيانة وغيرها من الأمور غير أنه لم يحتو على أية آية تبين القصاص الدنيوي من المرتد رغم ان القرآن الكريم ذكر الردة والمرتدين في أكثر من موضع من القرآن الكريم وذكر عاقبة وبال من يموت كافرا منهم في الآخرة لكنه لم يتطرق أبدا الى القصاص الدنيوي البتة وتعالوا معنا لنتجول مع آيات الله تعالى التي تذكر المرتدين حيث يقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }المائدة54 هذه الاية نزلت في صحب رسول الله تعالى في المدينة المنورة عندما كانت تنزل أيات الحدود والقصاص نزلت تخاطب صحب محمد كلهم وتقول لهم ان من يرتد منكم ويترك صحبة النبي فلن يضر الله شيئا وسيبدل الله نبيه باقوام يحبون الله ويحبهم وصفاتهم انهم اذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين وغيرها من الصفات التي ذكرتها الاية دون ان تشير لا من قريب ولا من بعيد الى العقاب الدنيوي البتة المتمثل بالقصاص لان العقاب الدنيوي سينزل بهم حتما الا وهو مفارقة نور الله الاعظم حضرة المصطفى عليه الصلاة والسلام هذا هو العقاب الوحيد الذي تضمنته الاية فهل من بعده من عقاب ؟1 ونفس الأمر أشار اليه القران الكريم في آية أخرى بان حذر الصحابة بانه سيستبدل محمد بثلة من الصحابة غيركم ان توليتم وانقلبتم على أعقابكم فيقول {هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ }محمد38
يقول الله تعالى في موضع آخر من القرآن الكريم {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة217 هذه الآية ايضا من الآيات المدنية وتخاطب المؤمنين الذين نصب لهم الكافرون من قريش وأحلافها الكمائن والمصائد واعلنوا عليهم الحروب وامعنوا فيهم بالإيذاء حتى حدثت نفوس البعض منهم ترك هذا الدين بسبب الشدة التي كانوا يلاقونها من باقي العرب فنزلت تلك الآية تحذرهم وتوعدهم بالعقاب الوخيم ولكن ما هو هذا الأمر الذي سيثني هؤلاء من الإرتداد عن دين الله هل هو القتل ام السجن ام القطع ؟! الجواب كلا إن التهديد الرباني لهم هو فقط إن اعمالهم ستحبط وسيحشرون مع الكافرين يوم القيامة والنار ستكون مثواهم وبئس المهاد وأغمد الله تعالى بهذا سيف المسلمين عن من إرتد منهم وثبت الله بهذه الآية من ثبت وارتد بعد هذه الآية من أرتد دون ان يقوم النبي ولا صحبه بتطبيق حد الردة على اي احد منهم رغم ان النبي محمد عليه الصلاة والسلام كان يطبق في العقوبات قصاص التوراة في الأمور التي لم ينزل بها وحي كما هو في الزنى وغيرها إلا إنه في حد الردة لم يطبق حتى قصاص التوراة التي كانت تقول بالقتل فلماذا ؟ أوليس لإن الله تعالى أوضح ان مسألة الكفر والإيمان مسألة اختيارية لا اكراه فيها بعد ان تبين الرشد من الغي ؟ أوليس لأن الله تعالى حد من سلطات نبيه في التعامل مع الناس فقال {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29 هذه الايات هي التي منعت النبي ان يلجأ الى حد التوراة بالقتل لمن ترك الشريعة الموسوية حيث ورد في سفر التثنية الاتي
HYPERLINK "http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showVerses.html?book=5&chapter=13&vmin=6&vmax=6" 6 «وَإِذَا أَغْوَاكَ سِرًّا أَخُوكَ ابْنُ أُمِّكَ، أَوِ ابْنُكَ أَوِ ابْنَتُكَ أَوِ امْرَأَةُ حِضْنِكَ، أَوْ صَاحِبُكَ الَّذِي مِثْلُ نَفْسِكَ قَائِلاً: نَذْهَبُ وَنَعْبُدُ آلِهَةً أُخْرَى لَمْ تَعْرِفْهَا أَنْتَ وَلاَ آبَاؤُكَ
HYPERLINK "http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showVerses.html?book=5&chapter=13&vmin=7&vmax=7" 7 مِنْ آلِهَةِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ حَوْلَكَ، الْقَرِيبِينَ مِنْكَ أَوِ الْبَعِيدِينَ عَنْكَ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَائِهَا،
HYPERLINK "http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showVerses.html?book=5&chapter=13&vmin=8&vmax=8" 8 فَلاَ تَرْضَ مِنْهُ وَلاَ تَسْمَعْ لَهُ وَلاَ تُشْفِقْ عَيْنُكَ عَلَيْهِ، وَلاَ تَرِقَّ لَهُ وَلاَ تَسْتُرْهُ،
HYPERLINK "http://st-takla.org/Bibles/BibleSearch/showVerses.html?book=5&chapter=13&vmin=9&vmax=9" 9 بَلْ قَتْلاً تَقْتُلُهُ. يَدُكَ تَكُونُ عَلَيْهِ أَوَّلاً لِقَتْلِهِ، ثُمَّ أَيْدِي جَمِيعِ الشَّعْبِ أَخِيرًا.
إن محمد النبي علم وتيقن ان الإكراه في الدين لا يجوز وإن هذا الدين هو دين الله الذي لن يضره كفر أهل الأرض برمتهم لا يزيده إيمان أهل الأرض أجمعهم فالله تعالى هو من رعى هذا الدين وان الدين عند هذا الرب القدير هو الإسلام وهذا الرب القدير لن يعجز أن يحمي دينه ويرعاه بعد ان أنزله على راع للغنم في شعاب مكة وليس من حوله الا سيدة عجوز وابن عم صغير ومرافق صديق صدوق ولكنه رعاه فنماه وجعله ينتشر ويكسر شوكة المشركين والكافرين ويتحول هذا الدين الى امة وهذه الامة هي خير امة اخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله الواحد الأحد القادر الصمد , إن من يخاف على دينه هو من عنده شك في إله هذا الدين الذي سيعجز عن حماية دينه كما كان الكافرون يخافون من اية دعوة دينية توحيدية فيقولون لأتباعهم كما قال فرعون لقومه {وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ }غافر26 هذا قول الحق الذي فيه تمترون , ويستمر الله تعالى بذكر المرتدين في القرآن الكريم فيقول مخاطبا صحب محمد عليه الصلاة والسلام بالقول {أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ }البقرة108 انكم يا اصحاب محمد ان استبدلتم الكفر بالإيمان فقد ضل سبيلكم في هذه الدنيا والآخرة فهل فرط الله تعالى أن يذكر عقوبتهم الدنيوية وتركها للاحاديث التي تنكرها فرقة وتؤمن بها فرقة ؟!
وايضا يتحدث القرآن الكريم عن صنف أخر أرتد عن دين الله ولكن فرق بين من ارتد بين اشخاص ارتدوا بسبب الالام والمشاق التي كابدوها فاعلنوا الردة الا ان قلبهم كان عامرا بالإيمان وبين من ارتد غيا وكفرا بالله فقال عنهم {مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }النحل106 نعم ان من شرح الله صدره للكفر بعد الإيمان فعليه غضب من الله وأعد له عذابا عظيما ولكن ما بال القصاص أو الحد ؟! هل نسيهما الله تعالى لتثبتوها أنتم يا كهان المسلمين وورثة أوغسطين ؟!
يقول الله تعالى في كتابه الكريم وبالتحديد في سورة ال عمران ما نصه
كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ{86} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{87} خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ{88} إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ{89} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ{90}
الله تعالى في هذه الايات يذكر المرتدين الذين كانوا قبل ردتهم يشهدون بان الله ورسوله وكتابه حق ويوبخهم ويتوعدهم بعذاب شديد وجزاء وخيم فيقول ان عليهم لعنته ولعنة الملاكة والناس أجمعين واللعنة هنا يوم القيامة حيث قال خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب فأين القصاص الدنيوي المزعوم ؟!
ولكن لم يكتف الحق بهذا فقال في موضع آخر من القران الكريم {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ اللّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً }النساء137 وهذه الاية تشرح حال من آمن ثم كفر ثم آمن ثم كفر فازداد كفرا فأين الحد هنا ؟ ان كان الرجل يقتل ان ارتد فأن هذه الاية معطلة اصلا ولكن تستمر الاية بسرد التذبذب في الحالة الإيمانية بين الإيمان والكفر وعاقبة هذا الشخص هو ان الله تعالى لن يغفر له ولن يهديه سبيل الرشاد فهذا هو القصاص العادل .
يقول الله تعالى في سورة محمد عن المرتدين
إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ{25} ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ{26} فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ{27} ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ{28}
هذه الاية كسابقاتها تتحدث عن المرتدين والعواقب الوخيمة التي تنتظرهم بسبب كفرهم وارتدادهم عن الإيمان وتلك العواقب سيشهدونها يوم تتوفاهم الملائكة وهي تضرب وجوههم وأدبارهم فأين الحد هنا يا اتباع اوغسطين ؟!
وفي موقعة أحد وبينما كان المسلمون قاب قوسين أو أدنى من النصر خالف الرماة اوامر الرسول ونزلوا من جبل احد وكشفوا ميمنة الجيش امام سرية فارس قريش الأشهر خالد بن الوليد الذي حاول مرار اقتحام ميمنة الجيش فلم يستطع بسبب إستبسال هؤلاء الرماة وعندما رأى خالد نزول الرماة من الجبل إلتف على المسلمين وامعن فيهم وأثخن حتى فصل الجيش الاسلامي عن قيادته وظل سيدنا محمد معزولا عن صحبه ومعه ثلة قليلة من المسلمين فاستشهد مصعب بن عمير وكان من اشبه الناس بالنبي فظنت قريش إنها تمكنت من محمد ومن رسالته فدبت الشائعات بصفوف الجيش الإسلامي بان سيدنا محمد قد أستشهد في المعركة عندها بلغت قلوب بعض المسلمين الحناجر ورأوا ان ما قاله لهم النبي عن الوعود بالنصر والتمكين قد ذهبت أدراج الرياح فأرتد من أرتد من جيش المسلمين وغادر ساحة المعركة ظانا بان الرسالة المحمدية قد انتهت وان محمدا قضى نحبه ولكن بعد ان انقشع غبار المعركة واستبسال اكابر الصحابة بين يدي رسول الله نجى النبي من الموت باعجوبة واستطاع بفضل قيادته الحكيمة ان يجمع شتات جيشه من جديد وينسحب بحركة عسكرية فذة الى جبل أحد الأمر الذي جعل المشركين يتهيبون من ملاحقته بسبب إستبسال المسلمين من حوله ورأيتهم لقوة النبي الكريم وهو يكابد جراجه فيأخذ الرمح من احد صحابته ويرميه على أحد دهاقنة قريش تلك الرمية التي عصفت بالصحابة من حوله ونبتت في الجزء الظاهر من رقبة ذلك اللعين حيث كان يتمترس بدرع حصينة فاردته قتيلا كل هذه الامور كما اسلفنا جعلت من المشركين ينسحبون من ارض المعركة خائفين من ملاحقة النبي ومن معه رغم ان تقاليد العرب في الحرب كانت تقضي بان المنتصر يقيم في ساحة المعركة ثلاث ليال إلا إن قريش لم تفعلها وولت هاربة ورجع محمد وصحبه الى المدينة ويرى في المدينة الجزء الهارب من جيشه والذي ارتد وكان هؤلاء ينتظرون قرآنا ينزل في أمرهم او عقابا يعاقبهم به النبي الا إن النبي لم يقم عليهم الحد بل نزل في حقهم كلام الله بالقول {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144 هكذا جاء البيان الالهي بان من يرتد لن يضر الله شيا وان الله لا يأبه به فان دين الله تعالى أعظم من ان يتأثر بإيمان احد او كفر أحد .
ان المتابع للقرآن الكريم يجد جيدا قصة سطرها القران الكريم حول مؤامرة دبرها اليهود ضد النبي عليه الصلاة والسلام وضد الإسلام برمته لغرض الفتنة فقد اتفق دهاقنة اليهود وهم (12) حبرا على ان يعلنوا اسلامهم ومن ثم بعد مضي مدة من الزمن يعلنون إرتدادهم , قال الله تعالى عن تلك المؤامرة {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }آل عمران72 ولكن لو كان حكم المرتد هو القتل كيف يفعل اليهود مثل تلك المؤامرة ويعرضون أنفسهم الى الموت والله وصفهم جبنهم بالقول { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ }البقرة96 ووصف حرصهم على الحياة الدنيا وكراهة الموت فقال في سورة البقرة
قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ اللّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{94} وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ{95}
يتبع ان شاء الله تعالى
صفحة الكاتب من هنا
مقالات اخرى للكاتب