(مدينة آخن وهدايا هارون الرشيد )
مدينة آخن الالمانية الواقعة على الحدود البلجيكية ، كانت عاصمة الامبراطورية الرومانية في عهد ملكها شارلمان ، والذي اهداه هارون الرشيد الساعة الشهيرة . لكني قبل ايام وانا استعيد تلك القصة مع صديقي الروائي نجم والي .اخبرني بمعلومة جديدة ولم اسمعها عن تلك الحادثة أن الرشيد ارسل مع الساعة فيلا والذي مات في الطريق بين بغداد وآخن .
وبسبب هذه الحادثة اقامت مدينتي بغداد وآخن توأمت ابدية بين بلديتي المدينتين وفسخ عقد هذه التوأمة بعد الاحتلال الامريكي .
هدايا المدن المتبادلة في اغلبها هدايا نادرة وثمينة ، لكن الغريب هو ما اهداه محافظ مدينة الحلة في عام 2016عندما اهدى مدينة الثورة الواقعة في مدينة بغداد اهداها ( طشتاً )
(تعريف الطشت)
الطشت كما ورد في موسوعة اكسفورد لمنير بعلبكي أنه عبارة عن انية كبيرة ودائرية من النحاس والفافون .كانت النساء العراقيات يغسلن فيه ملابس اولادهن وازواجهن وحضاين الرضع .وقد وجده المنقب وعالم الاثار السير ليوناردو وولي في مقبرة أور المقدسة ضمن المقتنيات الثمينة التي صحبتها معها الى العالم الاخر الاميرة السومرية بو ــ أبي المسماة خطأً الاميرة شبعاد ، وكان الطشت السومري الملكي مصنوعا من احجار اللازورد ، كان ذلك قبل ان تكتشف شركة توشيبا غسالة الملابس الاوتماتيكية .وقبل ان ينقرض تدريجيا من بيوت العراقيين بعد تأميم النفط في واحد حزيران وتاسيس الشركة الافريقية التجارية.
(ولادة طشت الحلة المهدى الى سوق مريدي)
طشت الخردة مصطلح جديد لم يعرفه العالم سوى في العراق وهو عبارة عن آنية من النحاس كبيرة يسمونها في العراق ( طشت ) ويستخدم لغسل الملابس . إلا أن طشت الخردة لا يستخدم كما عرف عن هذه الآنية بل أستخدم لتجميع أعضاء بشرية لا يعرف أصحابها وجمعت متناثرة من مكان الذي تنفجر به السيارات المفخخة . عين طفل ، ذراع شيخ ، عضو ذكري لشاب ، ثدي امرأة ، إصبع لا يعرف جنسه وما زال فيه خاتم عرس ولكن ليس من الذهب ، ضفيرة محناة . جزء من قدم يمنى ، يد مقطوعة ولكنها ليست يد أب الفضل العباس ع ، أعضاء كثيرة ، أنوف ، ألسنة ، شفاه علوية فقط ، حوض لازال يرتدي لباس داخلي لطفل رضيع ، كلها جمعت بهذا الطشت حين رفعت الجثث الممزقة ولم يبق إلا هذه اللقط . أنتخى أناس ما وجمعوها في طشوت . لقط ولكنها ليست أثرية رغم أن مكان اللقط البشرية والأثرية واحد حيث المقابر ولكن سعرها يختلف فللقطة البشرية تتوسل بمحسن يدفنها بهدوء بعيدا عن جسدها الأصلي وهي تأمل أن تجتمع به في اليوم الحشر وينادى على من كان السبب ليتم الجزاء ، أما اللقطة الأثرية فهي غنية جدا وحالما تعبر الحدود سيكون منزلها متحف اللوفر أو بنسلفانيا وتباع باليورو.
(طشوت تورا بورا)
تقع جبال تورا بورا في منطقة قندهار الافغانية ،وتشتهر بمغاراتها العميقة والمظلمة والتي كانت ملاذا حصينا ومنيعا لرجال لثوار المعارضة الافغانية منهم جماعة أحمد مسعود وحكمت يار وعبد الرشيد دوستم وبرهان الدين رباني وغيرهم ايام حكم الشيوعي رئيس الجمهورية الافغاني بابرال كارمال ، ثم اتخذتها منظمة القاعدة الارهابية ملاذا لها عندما اسسها بن لادن في افغانستان حيث سكنها وبأعداد كبيرة ما كان يطلق عليهم العرب الأفغان ، ثم صارت مخابيء حصينة لقوات طلبان الارهابية ايضا ، وقد تم قصفها بقنابل فراغية شديدة التدمير لعدة مرات ، ولكن طلبان في كل مرة تعود الى الى تلك المغارات والكهوف الحصينة ، وفيها اسست داعش التكفيرية اول خلاياها الاسوية وفي هذه الكهوف الموحشة ، وفيها قررت تصدير طشت موتها الاسود من الحلة الى سوق مريدي .
لم يفرح الملك البابلي نبوخذنصر حين رفعت اليه استخبارات جيشه ان الطشت سيهدى الى السوق الذي يعتاش عليه فقراء مدينة الثورة ، وقال بعيون دامعة :المصيبة ستنتقل من بابل الى مريدي .ولن يتغير شيئا في صورة الموت وربما ذاتها الطقوس ستقام في حضرة هذا الطقس المقدس.
)28 (فبراير 2016
أنفجرت سيارة مفخخة بهذا التأريخ اعلاه وسط سوق مريدي ، ولشدة الانفجار والضحايا تم استخدام ولأول مرة الطشت المهدى من مدينة الحلة ، حيث شوهدت بائعة اللبن الخائر الحجية(خاجية غفتان ضمد ) وهي تحمله على رأسها بالرغم من جرح عميق في صدرها وهي تنادي على من بقوا احياء من اصحاب البسطيات والدكاكين : هاكم يااولادي ، لموا ما يتناثر من اجساد ابناء مدينتكم.
غير بعيد كان صوت ليسوع المسيح ينادي والناس تجمع اشلاء البشر الممزقة :الانسان بناء الله .ملعون من هدمه.
تم جمع الاعضاء البشرية لاشخاص مختلفين .حاجب تاتو رفيع لفتاة ، ويد مقطوعة لمتسول فقير ، وساق ترتدي حذاء كرة قدم مع كتف بكامله يرتدي قميص برشلونه ويحمل رقم 10 للاعب ميسي .وضفيرة لطالبة متوسطة ، وثديين لمرأة في عمر السبعين ، وبؤبؤ عين مبتسم عرفوا انها نظرة لعاشقة ، كتف حمال اكياس الطحين واجزاء اخرى.
ذهبوا بها الى مكتب السيد الشهيد الصدر من اجل الافتاء بمصيرها .
بعد ربع ساعة ظهر بيان مطبوع يقول :خذوها خلف السدة وادفنوها بشكل جماعي
كان (عبود خنيفر دواي ) صاحب بسطية ادوات الاحتياطية لمبردة الهواء من ضمن الذين تبرعوا للذهاب لحمل الطشت ودفن مقتنياته خلف السدة ويتقدمهم شاب معمم من اجل اقامة صلاة الميت الجماعية على الاشلاء الممزقة.
لحظة ترتيب الاعضاء الممزقة في قبر حفروه من اجل تلك المصيبة ، انتبه عبود غنيفر الى ورقة بيضاء ممزقة قليلا بين الاشلاء .فظنها معاملة لاحد الضحايا فسحبها ،فوجدها شهادة دكتوراه مزورة معدة لواحد من السياسين المعروفين
صاح بين الجمع : وجدت هذه الشهادة الجامعية ممزقة بين الاشلاء ولكنها لاتستحق الدفن والصلاة عليها.
مقالات اخرى للكاتب