قد يظن البعض ان السكوت والتعامل على اساس رد الفعل في التعاطي مع الاحداث الامنية واستشراء الارهاب يعد حلا يتلافى من خلاله سخط الشارع العراقي الذي ولدت لديه الهجمات الارهابية المتكررة والخروقات المفجعة حالة من الاحباط من عدم جدوى الخطط والتكتيكات التي تتبعها قيادات الاجهزة الامنية والتي دأبت على اخفاء رأسها في الرمال والاكتفاء بنشر مزيد من الجنود وعناصر الشرطة في الشوارع كلما حدث هجوم ارهابي هنا او خرق هناك وهذا الاسلوب المتبع من قبل المسؤوليين الامنيين وعلى رأسهم القائد العام للقوات المسلحة الذي اكتفى باجراء تنقلات روتينية لم تكن كافية لتغيير الواقع الامني المتردي خلال الاشهر الماضية والذي شهد مزيدا من التردي في شهر ايار وحزيران بشكل ملفت ووصل مراحل وحدود خطيرة لا ينبغي السكوت عنها وبغض النظر عن وجهات النظر الاخرى التي تفكر بعقلية المؤامرة ووجود مؤامرة اقليمية على العراق يدركها الجميع لكن ذلك لا يمنع ان تكون هناك منظومة امنية قادرة على ردع الارهاب وتوجه له ضربات موجعة تحد من ضرباته الدموية وهنا لابد من وجود تحرك بمسار اخر مع المجتمع الدولي خصوصا القوى الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية والتي تتحمل جزء كبير من المسؤولية لما يشهده العراق بسبب تغاضيها عن دعم علني تقدمه دول في المنطقة للجماعات الارهابية التي تعمل في العراق وسوريا وهي تتدخل في شأن عراقي لا يمكن معه الا وصفها بالعدو للتجربة العراقية وان ادعت غير ذلك . ان العمل الامني في العراق والذي بقي على وتيرة واحدة لاسباب شتى يبرز في مقدمتها اعتماد العديد من القادة الامنين الذين ثبت فشلهم وعدم درايتهم بما يجري وكيف يتحرك الارهاب ومن اين ينطلق وذلك لضعف الجهد الاستخباري وتفشي الفساد في المؤسسة الامنية فالرشاوى وابتزاز البعض وظواهر اخرى كانتشار الاسماء الوهمية وبيع المناصب كلها اسباب تؤدي الى الضعف الامني وليس سرا ان هناك قطعات عسكرية للجيش تعاني النقص في العدد والعدة لاسباب متعددة منها مثلا تناقص اعداد المراتب بسبب كثرة حالات الاصابة وترك البعض للخدمة ناهيك عن ضعف نفسية بعض الضباط الذين يقومون ببيع الاجازات مقابل نصف راتب الجندي غير الراغب بالدوام مما يعني وجود مناطق هشة يصعب السيطرة عليها بفعل تناقص الاعداد ولعدم ثقة الجندي بقيادته المباشرة مما يولد ثغرة اخرى اشد خطرا من الاولى فحين يرى هذا الجندي ان المسؤول المباشر عنه يبيع ويشتري ويساوم على حياته عند ذاك كيف يمكن له ان يتصرف , باختصار نحن نحتاج الى التفكير بعمق لتغيير هيكلية وزارتي الداخلية والدفاع وتفعيل الجانب الاستخباري للحيلولة دون وقوع العمليات الارهابية وكذلك التشديد على اهمية ان يكون للحكومة والقضاء مسؤولية اضافية تندرج ضمن هذا الجهد تتمثل بملاحقة الإرهابيين ومحاسبتهم اينما تواجدوا ليكونوا عبرة لمن اعتبر وليحس من يفكر بالانخراط مع الجماعات الارهابية الف مرة قبل ان يخطو هذه الخطوة المدمرة . ان كثرة التفجيرات التي حدثت في بغداد والمحافظات والتي تصاعدت وتيرتها في شهر ايار الماضي وتواصلت خلال شهر حزيران تحمل دلالات واضحة وتؤكد وجود فشل حكومي يحتاج المعالجة فمع الانفاق المتنامي على ملف الامن الا اننا لم نجد تحسنا كبيرا بمستوى هذا الصرف بل ان وجود حالات الاختراق الامني وتغلغل لمجموعات ارهابية ودرايتها بتحركات القطعات الأمنية يؤشر إننا لازلنا في طور حرب دفاعية مع الارهاب بينما تجربة السنوات العشر ينبغي ان نتحول الى حالة الهجوم ومحاصرة الجماعات الارهابية المجرمة وبذلك يمكن ان يتحسن الملف الامني ونشعر بأن لدينا قوة حصينة نستطيع الاعتماد عليها ونشعر مع وجودها بالثقة والأمان .
مقالات اخرى للكاتب