يبدو ان هناك رؤية غير صائبة او مشوشة عن الوضع الامني في نينوى والانبار التي بادرت الحكومة مؤخرا لتأجيل الانتخابات فيهما تحت يافطة الدواعي الامنية وتقارير القيادات الميدانية ومع تحفظنا التام على طبيعة هذه التقارير وما ورد فيها من معلومات ربما تكون حقيقية في بعض جزئياتها الى انها لا تعني انا الحقيقة التامة كما لاتعني ان الاوضاع في محافظات مثل بغداد مثلا افضل حالا من هاتين المحافظتين والدليل ما رايناه وعشناه يوم الثلاثاء الاسود وما سبقه من عمليات اقتحام وزارة العدل ناهيك عن مسلسل الكواتم والاغتيالات فهل ان هذه الدواعي حقيقية وما تخفي ورائها وهل تمثل عملية التأجيل حلا مقنعا ام ان ذلك سيدفع باتجاه فوضى جديدة بالاخص ان بعض الجهات المؤثرة في المحافظتين والتي تحرك الاوضاع اعلنت انها ضد التاجيل مطلقا وحتى لو كان موقفها الحقيقي مختلف عما اعلنته او انها تريد استغلال هذه المناسبة لمهاجمة الحكومة وتسقيط الحالية بحجة انها وراء التاجيل او هي التي اوحت للحكومة بذلك فان ذلك لايمنع ان يكون نفس القرار الحكومي مربكا وغير دقيق ولا يلبي طموحات الشارع الراغب في التغيير بقوة وان انطوى على بعض المحاذير كما انه يعني ان العملية السياسية فقدت في مناطق معينة زخمها وهذه المحافظات اصلا تحتاج ان تكون في دائرة الجريان وليس في مصلحة احد ان تتخلف او تشهد مزيدا من التلكؤات اما ان يقال ان الانتخابات ستفرز وجوها جديدة معادية للتوجهات الحالية وعملية بناء الدولة العراقية او ان لها اجندات خارجية مرتبطة باقليم الغربية السني الذي كثر الحديث عنه مؤخرا ضمن ما تم كشفه عبر وسائل اعلام ومواقع وتسريبات مقصودة في دول مجاورة فاعتقد انه حديث سابق لاوانه بسبب ان السنة منقسمين اصلا (افرادا وقيادات) حول أي طرح بهذا الاتجاه ولن يكون هناك اقليم سني ما لم تكن هناك رغبة حقيقية من قبل الحكومة لامضائه ليس لان الحكومة تمتلك الحق القانوني بذلك او ان الاليات الدستورية قاصرة عن تحقيق مطلب الاقليم بل لان للحكومة والقرار السياسي تأثير مباشر ولها حلفاء في المحافظات الغربية يستطيعون تعطيل مثل هذه المشاريع .. اذن كيف يمكن ان نفند الدواعي ولماذا خصوصا ان ا لقرار كان مستعجلا وله غايات محددة في ظل ما تحدثنا انفا ؟؟ الاجابة واضحة ان اطلاق مثل هكذا قرار حتى مع استغفال المالكي لوزراء التيار الصدري على حد تعبير الناطق الرسمي باسم التيار الشيخ صلاح العبيدي كانت له غايات اعلامية واضحة تتمثل في التخفيف من الوضع المحتقن اصلا وقت اطلاقه في اجتماع مجلس الوزراء الذي انعقد يوم التفجيرات التي شهدتها بغداد في يوم الثلاثاء الاسود وقد كان القرار الذي سمعناه اولا وتم التراجع عنه يتحدث عن تأجيل شامل في عموم البلاد لمدة ستة اشهر لكن ذلك لم يلقى القبول من لدن بعض الجهات وهو ما كان سيحول البوصلة باتجاه المزيد من التصريحات والمواقف ومن بعد ذلك سيتم التراجع عنه بعد ان يستنفذ اغراضه ودواعيه لكن السؤال هنا ايضا عن التوقيت في تاجيل الانتخابات المحلية في محافظتي نينوى والانبار وما ارتبط به من امنية اذا اردنا مقارنتها بالسنوات السابقة فان هذه المبررات ستنتهي وتزول لان المحافظتين مرتا باوقات حرجة امنيا خلال الاعوام الماضية ابتداءا بالعام 2005مرورا بالاعوام 2006 و2009 و2010 وقد اقيمت الانتخابات حينها والاستفتاء على الدستور مما يعني ان مثل هذه المبررات واهية ولا تصب في مصلحة الوضع العراقي الراهن بشكل عام كما ان التأكيدات التي تزامنت مع انطلاق تظاهرات في هذه المحافظات والتي ذهبت الى استتباب الامن واستقرار الاوضاع فيهما اما ان يكون كذبا وضحكا على الذقون او ان هناك ايعازا صدر من جهات امنية عليا يريد ان ترفع تقارير بشكل اخر تؤكد عكس الذي تم تأكيده مسبقا وهو خداع لايمكن ان يتم التغاضي عنه مطلقا لان فيه ايهام وانتهاك حق لناخبي هذه المحافظات وخسائر مادية للمرشحين وكياناتهم التي طرحتهم واطلقت حملاتهم ,ثم كيف للحكومة بعد كل هذه الفترة وقياداتها الامنية ان تعطي ضمانات حقيقة لتجرى الانتخابات في المواعيد الجديدة وكيف لها ان تراهن على عامل الوقت ان لم تضع برنامجا مقنعا يمكنها من الايفاء بالتزاماتها بتحسن الوضع الامني هناك, ان الذي يجب ان يكون ويقال و بوضوح تام هو ان المواعيد الانتخابية التي اصر على وضعها الدستور وتعامل معها على اساس انها مواعيد غي قابله للتأجيل يجب ان تحترم ويتم التعامل معها على اساس ان الحكومة يجب ان تحسن اداءها للايفاء بالمواعيد للعكس الذي نسمعه اليوم وهو تاجيلها لان الحكومة لاتستطيع ان تحفظ الامن مع كل امكانياتها وقدراتها البشرية والمادية وحتى ان كان هناك تاجيل او مناورة امنية فلابد ان تبقى ضمن نفس الوتيرة ولا تتعدى الفترة الزمنية اياما معدودة لاتتجاوز الثلاثة او الاربعة ايام في اقصى الاحتمالات وهو الرأي الاقرب والاصوب بعد التشاور وتحشيد جهود المفوضية والحكومات المحلية والقوات الامنية وكل من يهمه الامر لانجاح هذه التجربة سيما وان فتح الباب امام التاجيلات سيكون وقعه سيئا وسيضيف ازمة جديدة لمجموعة الازمات التي يمر بها البلد فهل تستطيع الحكومة ان تقول الحقيقة وتكون مع الشارع الذي رفض ان تؤجل الاتنخابات ام انها ستحول الموضوع الى ازمة جديدة تنتهي بتوسيع دائرة صراعها مع جهات بعينها في هذه المحافظات ومع جهات اخرى خارجها ترى ان الصواب هو المضي قدما لا التوقف في منتصف الطريق ..
مقالات اخرى للكاتب