أعلنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في المملكة العربية السعودية عن كشف أثري مهم في موقع الرجاجيل الأثري بالجوف الذي يعود إلى نحو 7000 عام. جاء الكشف عن طريق البعثة السعودية الألمانية التي يرأسها عالم الآثار هانز جورج. وقد عثرت البعثة على حلي وخرز وأصداف وأحجار بالإضافة إلى أوان من الحجر الرملي. وكان الأهم هو العثور على منطقة الاستيطان وبقايا المساكن التي تم تأريخها بناء على ما تم العثور عليه من لقى أثرية بداخلها. هذا بالإضافة إلى العثور على مقبرة دفن فيها أشخاص يمثلون المجتمعات الرعوية المتنقلة التي يعود تاريخها إلى نحو 6500 7000 سنه تقريًبا. وقد اتفق الباحثون على أن هذا العصر هو العصر النحاسي الذي ازدهرت خلاله ثقافة الرعي في الجزيرة العربية. وموقع الرجاجيل مشهور بالأعمدة الحجرية التي يوجد منها في الموقع نحو خمسين مجموعة من الأعمدة القائمة والمائلة والمنهارة؛ ويصل طول بعض الأعمدة إلى ما يقرب من أربعة أمتار. وتم الكشف مؤخًرا عن نصب لقبر يعتقد أنه يخص شخصية كبيرة في ذلك المجتمع القديم؛ ربما كان لزعيم القبيلة التي عاشت بالموقع. كما كشفت البعثة السعودية الألمانية عن بعض الآبار المحفورة بالصخر٬ وهي عبارة عن آبار جوفية حفرت من أجل الحصول على المياه وتؤرخ بالعصر النحاسي. وقد تم الحصول على عينات من الرواسب الموجودة بالأبيار وتحليلها لتأكيد تاريخ الموقع الأثري المهم في تاريخ المملكة خلال العصر النحاسي. أما الغريب في هذا الكشف فهو ما أعلنه الدكتور هانز رئيس البعثة من وجود دليل واضح يؤكد أن بقايا العظام التي عثر عليها في الغرفة البيضاوية السفلية وجد فيها آثار حريق كبير! وأن هذا الحريق تم عن عمد وتم كذلك في الغرفة العلوية من المقبرة. ورغم أن هذا الكشف في غاية الأهمية فإنه لم يأخذ حقه من تسليط الضوء عليه. هناك ضرورة إلى دعوة إحدى القنوات العالمية المتخصصة مثل الديسكفري أو الناشيونال جيوغرافيك لعمل فيلم وثائقي عن الموقع وإعادة بنائه بالتقنيات التكنولوجية الحديثة ثلاثية الأبعاد حتى نتعلم كيف كانت أنماط الحياة في الجزيرة العربية قبل آلاف السنين. مما لا شك فيه أن المملكة العربية السعودية تخطو بخطوات مهمة على طريق الكشف عن التراث الأثري فيها٬ وذلك بفضل مجهودات الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الذي يولي اهتماًما كبيًرا بأعمال المسح الأثري للمناطق الأثرية بالمملكة وتنمية عمل البعثات الأجنبية المشتركة للكشف وتسجيل تراث المملكة حتى أصبح هناك أكثر من بعثة فرنسية وألمانية وإنجليزية وأميركية مشتركة مع أثريين سعوديين من الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني؛ بالإضافة إلى بعثات محلية من فرق عمل سعودية خالصة أثبتت براعة الأثري والمرمم السعودي والمستقبل الواعد بوجود كليات لدراسة علوم الآثار والترميم بالسعودية يتم فيها ترسيخ ثقافة الحفاظ على التراث وإدارة المواقع الأثرية ودمجها في برامج التنمية المستهدفة للمملكة
مقالات اخرى للكاتب