في البداية يجب التأكيد على أنني عندما أدلي برأي أثري أضع نصب عيني مصلحة آثارنا وتراثنا الحضاري في مصر والوطن العربي.. ونقدي دائًما يهدف إلى تصحيح أوضاع تضر بتراثنا الأثري٬ ولا يعنيني الهجوم على الأشخاص المنوط بهم حفظ وصيانة أعز ما نملك من ميراث حضاري٬ فالأشخاص يتبدلون ويبقى لنا ما تركه الأجداد٬ ومسؤوليتنا هي حفظه للأجيال المقبلة. أتمنى أن ينجح وزير الآثار المصري الدكتور ممدوح الدماطي٬ لأن نجاحه يعني الحفاظ على آثار مصر التي أهينت قبله بتولي مسؤوليتها من لا يعرف قيمتها وكان همه كله تدمير الآثار والأثريين٬ وأصابه غرور قاتل تسبب في كوارث ما زلنا نعالج آثارها إلى اليوم. أؤيد تماًما مناقشة نظرية الباحث البريطاني نيكولاس ريفز؛ الذي يعتقد أن الملكة نفرتيتي زوجة إخناتون مدفونة في إحدى الحجرات السرية وراء حجرة دفن الفرعون الصغير توت عنخ أمون! بالطبع عندما نقول بأن هناك سراديب وحجرات مخفية وأن مومياء الملكة نفرتيتي لا تزال موجودة بمقبرة خلف مقبرة توت عنخ أمون٬ فإن العالم كله سيتحول إلى مصر منتظًرا أخبار هذا الكشف المثير. وهنا يجب أن تكون المبادرة والخطوات التي ستتخذ لإثبات صحة تلك النظرية أو عدم صحتها بيد الأثريين المصريين! أما أن يأتي نيكولاس ريفز إلى مصر ومعه فريق الرادار الذي عمل معه في وادي الملوك بل وقرأ الرادار قراءات خاطئة جعلت ريفز ينشر على صفحته وجود مقبرة جديدة في وادي الملوك؛ وعندما قمنا مع فريق الحفائر المصري بالحفائر في وادي الملوك٬ تبين لنا عدم وجود أي مقابر بالمكان وأن ريفز وفريقه نشروا معلومات خاطئة عن كشف جديد بالعالم كله.. فكلها علامات كثيرة كان لا بد لوزير الآثار التوقف عندها٬ ومنها الخلاف بين ريفز ورئيس البعثة الإنجليزية العالم المعروف جيفري مارتن الذي عمل بسقارة وتل العمارنة ووادي الملوك٬ وكان ريفز ضمن فريق عمله٬ ووقع بينهما خلاف كبير لمشكلات في التمويل الذي كان يحصل عليه ريفز من اليابانيين لاستخدام الرادار الخاص بهم؛ وبسببه أوقف مارتن أعمال الحفائر في وادي الملوك. لقد ألقى ريفز محاضرة بإسبانيا قال فيها بالحرف الواحد٬ حسب ما نشرته الصحف الإسبانية٬ إن إخناتون ملك زائف لم يكن مسالًما؛ وإن تمثاله الذي يصوره يقبل ابنته؛ إنما هو مثل تصوير أدولف هتلر وهو يداعب كلبه!! هل يجوز تشبيه إخناتون الملك الموِحد بهتلر الذي تسبب في مقتل ملايين الناس بكل العالم؟! وهل يجوز السماح لريفز بأن يأتي إلى مصر ومعه الرادار الخاص به ليعطي القراءات التي توافق نظريته؟ بل ويحضر معه التلفزيون الياباني ليصور ما يدعيه ريفز؟ لا تزال قصة الملكة نفرتيتي تسير العالم في كل مكان٬ وسيحقق التلفزيون الياباني الملايين من الدولارات بعرض أخبار البحث عن نفرتيتي؛ بينما لن تحقق وزارة الآثار أي شيء.. لا تزال الفرصة موجودة لكي تأخذ وزارة الآثار زمام المبادرة والعمل من ريفز وفريقه؛ بدلاً من أن تحبس نفسها في ظل نيكولاس ريفز