نعرف جيدا ان الطوفان في العراق جارف جدا و الثقة السياسية لم تستعد عافيتها، كما أن اللاهثين وراء المكاسب يعرقلون خطوات الاصلاح بذرائع مختلفة، لا تقل في خطورتها عن الذين يحاولون لبس ثياب العفة و الولاء بعد سنوات عجاف من الشراكة في ذبح وطنية العراقيين !!
ولكي لا نذهب بعيدا عن الفكرة الأساسية فان المطلوب من رئيس الوزراء نوري العبادي تطبيق ما يؤمن به من أفكار و توجهات لأن المجاملات دمرت العراق طيلة السنوات الماضية، فاذا كان مؤمنا بالمصالحة الوطنية عليه الذهاب الى مدياتها الأخيرة و بسرعة كبيرة، من خلال اطلاق سراح كل معتقل لم تكتمل أوراقه التحقيقية و مضى على سلب حريته أكثر من 3 أشهر، وقبل ذلك الافراج عن جميع المعتقلات العراقيات بلا مزايدات ، و العمل على تنفيذ حقوق المواطنين ضمن أولوية واضحة و رغبة حقيقية في استعادة السلم الاجتماعي، على ان يترافق ذلك مع تفعيل سيادة القانون بمنع أي نشاط أمني خارج سلطة القانون ، و القضاء التام على فوضى السلاح ليكون رئيسا لوزراء العراق خارج التوصيف الحزبي أو الطائفي.
ولكي يضع الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح يجب الزام المؤسسة العسكرية بتنفيذ قراراته بدقة متناهية، ومنع التدخل في الملف الأمني الا من المخولين بذلك و تحت اشراف مركزي صارم، لأن هيبة المؤسسة بانضباط آمريها، و تعليمات العسكر واضحة في ذلك.
لو كنت العبادي لأجريت مناقلة عاجلة بين قادة الميدان و أنهيت الترهل في المؤسسة العسكرية و الأمنية، بحيث يكون للشرطة قائد يعرف خفاياها المتوارثة، و للدفاع قائد يحظى باحترام الجنود بحكم الخبرة و " نزاهة " حمل الرتبة العسكرية، مقابل كشف ملفات فساد بغض النظر عن عناوينها.
لو كنت العبادي لأمرت بتشكيل لجنة متخصصة في قهر الاشاعة و خلط الأوراق،مقابل مؤسسة اعلامية تخاطب المواطن بالحقيقة و تنقل اليه ما يجري لأن الغموض أفقد المؤسسة الرسمية ثقة المواطن، فاستفادت منه كل الجهات التي تحلم بتخريب أخوة العراقيين و استقرار الوطن، على غرار ما يجري من عمليات حرق و نهب لمنازل المواطنين بعد استعادة السيطرة عليها و الايحاء بأن جميع الذين " هادنوا" داعش بالقوة هم من أنصاره و محبيه، ما يوفر ملاذات آمنة لمسلحي التنظيم من خلال القول ان الدولة تتعامل طائفيا مع مواطنيها و " داعش أرحم من المليشيات".!! وهي قضية في غاية الخطورة تحددها صعوبة الاحتفاظ بالأرض المحررة لفترات طويلة لذلك لم تعد الموصل ضمن الأولويات المرحلية.
لو كنت العبادي لأمرت فورا بتشكيل لجنة لاعادة ادارة المناطق المحررة و تقديم الدعم للمواطنين فيها بشكل عاجل، وتحميلهم مسؤولية حمايتها لا الفرار منها خوفا من الأنتقام، بحيث يكون الجميع شركاء في المسؤولية بشكل رسمي و بامكانيات كافية لأن اابناء المناطق أعرف بما يناسبهم و أكثر قدرة على المناورة و التحرك، و تجربة الضلوعية شاهد حي على نجاح التجربة، حيث العمل على تعميمها سيعيد رسم القوى على الأرض و التي يحتاج العبادي الى النزول اليها بعيدا عن البروج العاجية التي حولت المسؤول الى شبح على الأرض، بينما المواطن يكابد الأمرين، دعوة لتفعيل مبدأ الزيارات والعمل الميداني وبما يرفع " القدسية" عن المسؤول!!
مقالات اخرى للكاتب